للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَسَأَلَهُمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَكِلْتَاهُمَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ غَيْرِ حُلُمٍ، ثُمَّ يَصُومُ. قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى مَرْوَانَ (١)، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ. فَقَالَ مَرْوَانُ: عَزَمْتُ عَلَيْكَ إِلاَّ مَا ذَهَبْتَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَرَدَدْتَ عَلَيْهِ مَا يَقُولُ. قَالَ: فَجِئْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبُو بَكْرٍ حَاضِرُ ذَلِكَ كُلِّهِ. قَالَ: فَذَكَرَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَهُمَا قَالَتَاهُ لَكَ؟ قَالَ نَعَمْ. قَالَ: هُمَا أَعْلَمُ. ثُمَّ رَدَّ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا كَانَ يَقُولُ في ذَلِكَ إِلَى الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنَ الْفَضْلِ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ: فَرَجَعَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَمَّا كَانَ يَقُولُ في ذَلِكَ (٢).

فهنا رجع أبو هريرة - رضي الله عنه - عمّا أخذه من الفضل بن العباس في المسألة لما بلغته سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها، ولم يتعصّب لما كان عليه.

٢ - الاعتراف بالفضل.

فالمستدرِك يعترف بفضل مخالفه، بأن الاستدراك عليه لا يُنقص من مكانته، والمستدرَك عليه يعترف بفضل المستدرِك بأن نبهه أو قوّمه.

ومن تطبيقاته بالنسبة للمُستدرِك:

جاء في رسالة الليث إلى مالك في تذكيره إياهُ ما اتفقا عليه من إنكار بعض الأمور على ربيعة بن أبي عبد الرحمن: «وذاكرتُك أنت وعبد العزيز بن عبد الله بعض ما نعيب على ربيعة من ذلك، فكنتما موافقين فيما أنكرتُ، تكرهان منه ما أكره، ومع ذلك - بحمد الله - عند ربيعة خيرٌ كثير، وعقل أصيل، ولسان بليغ، وفضل مستبين، وطريقة حسنة في الإسلام، ومودة صادقة لإخوانه عامة، ولنا خاصة» (٣).


(١) وكان على المدينة، كما صرّحت به رواية البخاري. [يُنظر: صحيحه، (٣/ ٢٩)، ك الصوم، ب الصائم يصبح جنبًا، رقم (١٩٢٦)].
(٢) رواه مسلم في: صحيحه، (٤٩٤)، ك الصيام، ب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب. رقم (٧٥ - ١١٠٩).
(٣) كتاب المعرفة والتاريخ، (١/ ٦٩٠).

<<  <   >  >>