للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فابن عباس كان يستدركُ على من لم يرَ جواز التمتع بالعمرة إلى الحج بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمَر بها أصحابه، ولم ينهَ عنها، ويُنكر على من يردّ ذلك بحجة عمل أبي بكرٍ وعمر - رضي الله عنهما -.

ذلك أن عمر - رضي الله عنه - كان ينهى عن المتعة في الحج (١).

قال السندي مُعلّقًا على استدلال عروة: «وقوله: «وقد نهى أبو بكر وعمر» لم يشتهر نهي أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - أصلاً، ولعل عروة اعتمد في ذلك على مُوافقة عمر لأبي بكر، ثم إن عمر ما نهى عن العمرة في أشهر الحج مطلقًا، وإنما نهى عن المتعة فقط، فكأنه اعتمد على ظهور المقصود، فسامح في الكلام.

«وأعلم به»: لا يلزم من الأعلمية على الإطلاق الأعلميةُ في كل حكم مخصوص على انفراده، فكلام عروة لا يخلو عن أثر الإهمال، وفيه خروج عن طور التحقيق إلى طور التقليد، لذلك أخذ المسلمون بجواز المتعة، والله ولي التوفيق» (٢).

ومن تطبيقاته بالنسبة للمستدرَك عليه:

عَنْ أَبِى بَكْرٍ بن عبدِ الرحمن (٣)،

قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - يَقُصُّ يَقُولُ في قَصَصِهِ: مَنْ أَدْرَكَهُ الْفَجْرُ جُنُبًا فَلاَ يَصُمْ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ - لأَبِيهِ - فَأَنْكَرَ ذَلِكَ. فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ - رضي الله عنهما -


(١) روى أحمد بسنده في (مسنده) عن جابر - رضي الله عنه -: «متعتان كانتا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فنهانا عنهما عمر - رضي الله عنه - فانتهينا». [(٢٢/ ٣٦٥)، رقم (١٤٤٧٩)]
قال الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
وجاء التصريح باسم المتعتين في (سنن سعيد بن منصور) بسنده عن عمر - رضي الله عنه -: «متعتان كانتا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا أنهي عنهما وأعاقب عليهما، متعة النساء ومتعة الحج». [(١/ ٢١٩)، رقم (٨٥٣)].
(٢) حاشية مسند الإمام أحمد بن حنبل، محمد بن عبد الهادي السندي، (٢/ ٤٢٤).
(٣) هو: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، اسمه كنيته، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، كثير الحديث، يقال له: راهب قريش لكثرة صلاته ولفضله. توفي سنة ٩٤ هـ.

[يُنظر: الطبقات الكبرى، (٥/ ٢٠٧). و: سير أعلام النبلاء، (٤/ ٤١٦)].

<<  <   >  >>