للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القرطبي (١) مُعلّقًا: «قلتُ: قوله: «اعتقد قوم من الغافلين» فيه قبحٌ، وإنما كان الأولى به أن يقول: ذهب قوم إلى تحريم أسئلة النوازل، لكنه جرى على عادته» (٢).

وقد نبّه صاحب (أدب الدنيا والدين) إلى الرفق في الاستدراك على السلطان، وبيّن أبعاده فقال: «وليخرج تعليمه مخرج المذاكرة والمحاضرة، لا مخرج التعليم والإفادة؛ لأن لتأخير التعلم خجلةَ تقصيرٍ يجلّ السلطان عنها، فإن ظهر منه خطأ أو زلل في قول أو عمل لم يجاهره بالرد، وعرّض باستدراك زلله وإصلاح خلله» وذكر نموذجًا لهذا فقال: «وحكي أن عبد الملك بن مروان (٣)

قال للشعبي: كم عطاءَك (٤)؟ قال: ألفين. قال: لحنتَ. قال: لما ترك أمير المؤمنين الإعراب كرهتُ أن أعرب كلامي عليه» (٥).


(١) هو: أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن أبي بكر، الأنصاري، الأندلسي، القرطبي، الإمام المفسر، له: جامع أحكام القرآن، والكتاب الأسنى في أسماء الله الحسنى، وكتاب شرح التقصي، وله تآليف وتعاليق مفيدة غير هذه، توفي سنة ٦٧١ هـ.
[يُنظر: الديباج المذهب مع نيل الابتهاج، (٣١٦)].
(٢) (٨/ ٢٣٣).
(٣) هو أبو الوليد، عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، الخليفة الفقيه، الأموي.
استعمله معاوية على المدينة، وكان عابدا ناسكا قبل الخلافة، تملك بعد أبيه الشام ومصر، ثم حارب ابن الزبير الخليفة، وقتل أخاه مصعبا في وقعة مسكن، واستولى على العراق، وجهز الحجاج لحرب ابن الزبير، فقتل ابن الزبير سنة ٧٢ هـ، واستوسقت الممالك لعبد الملك، توفي سنة ٨٦ هـ.

[يُنظر: الطبقات الكبرى، (٥/ ٢٢٣). و: سير أعلام النبلاء، (٤/ ٢٤٦)].
(٤) فنصبها وكان حقُّها الرفع، فيقول: «كم عطاؤُك؟ »؛ لأن (عطاء) مبتدأ مؤخر، والخبر (كم) واجب التقديم؛ لأنه استفهام، والاستفهام له صدرُ الكلام. [يُنظر: شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك لعبد الله بن عقيل العقيلي مع منحة الجليل بتحقيق شرح ابن عقيل لمحمد لمحيي الدين عبد الحميد، (١/ ٢٢٦)].
(٥) علي بن محمد بن حبيب الماوردي، (٩٥).

<<  <   >  >>