للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومحمد بن إسحاق (١) صاحب (المغازي)، وغيرهم، فعند ذلك بدأ امتزاج مذهب العراق بمذهب الحجاز، وتقاربا، ثم زاد التقارب برحلة أصحاب أبي حنيفة كأبي يوسف ومحمد بن الحسن إلى مالك، والأخذ عنه، كما أن أفكار العراقيين انتقلت مع هؤلاء، وقبلهم أيضًا برجوع ربيعة بن أبي عبد الرحمن من العراق للمدينة، فزالت النفرة شيئًا ما» (٢). وقال عن (الموطأ): «وقد اعتدل الحنفية لما رحلوا إليها وأخذوها» (٣).

- الأثر التباعدي.

هذا أثر نتج عن الاستعمال السلبي للاستدراكات، وذلك عندما يكون القصد منها نصرة المذهب أو رأي الإمام وليس الوصول إلى الحق، ويقول في هذا صاحب (الاتجاهات الفقهية): «غير أن هذه المذاهب شرعت تتباعد برجالها، وتتجافى بالقائمين عليها، والمنتسبين إليها، ببدء شيوع فكرة التقليد للمذاهب، والتعصب لرجاله، والمناظرات التي اتخذت قاعدتها أن تعرف الحق بالرجال، لا أن تعرف الرجال بالحق، مما جعل التنافس المذهبي يستعر، والتنابز بالألقاب ينتشر كالوباء الباسط جناحيه على أفق العالم الإسلامي، لا يكاد ينجو منه أحد إلا من عصم الله» (٤).


(١) هو: أبو بكر، وقيل: أبو عبد الله، محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار، القرشي المطلبي مولاهم المدني، العلامة الحافظ الإخباري، صاحب السيرة النبوية، هو أول من دون العلم بالمدينة، وذلك قبل مالك وذويه، خرج من المدينة فأتى الكوفة والجزيرة والري وبغداد فأقام بها حتى مات سنة ١٥٠ هـ.
[يُنظر: سير أعلام النبلاء، (٧/ ٣٣). و: الطبقات الكبرى، (٧/ ٣٢١)].
(٢) (٢/ ١١٠).
(٣) (٢/ ١١٦). ويُنظر: الشافعي حياته وعصره - آراؤه وفقهه، (٧٩).
(٤) (٧٦).

<<  <   >  >>