للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للتشبيه فيفردها بالتأليف، كما صنع أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك (١) في كتابه (مشكل الحديث وبيانه) ... وكذلك ألف السيوطي كتابه (تأويل مختلف الأحاديث الموهمة للتشبيه). وإلى عهد قريب كانت الخصومة في الأحاديث المشكلة تدفع بعض الغيورين للتصدي لدفع اعتراضات العقلية الحديثة على بعض الروايات التي يظنونها مناقضة لبعض الحقائق العلمية من طبية وفلكية وغيرها» (٢).

ذلك أن النظر إلى النص الشرعي من حيث العمل به هو مهمة الفقيه، وإن كان المحدّث يُساعد في توصيل النص الحديثي قبولاً أو تركًا، فهو يوصّل للفقيه ما يصلح أن يكون محلاًّ للنظر والاستنباط. (٣)

ومن نتائج الاستدراكات الفقهية تأليف الكتب المهتمة بالخلاف لبيان مدارك الأقوال.

قال ابن خلدون، مبيّنا هذا الأثر، مع تطبيقات له: «وجرت بينهم (٤) المناظرات في تصحيح كل منهم مذهب إمامه، تجري على أصول صحيحة وطرائق قويمة، يحتج كل على صحة مذهبه ... وكان في هذه المناظرات بيان مآخذ هؤلاء الأئمة، ومثارات اختلافهم، ومواقع اجتهادهم، كان هذا الصنف من العلم يسمى بالخلافيات ... ، وهو لعمري علم جليل الفائدة ... وتآليف الحنفية والشافعية فيه أكثر من تآليف المالكية ...


(١) هو: أبو بكر، محمد بن الحسن بن فورك الأصبهاني، الأستاذ المتكلم الأصولي الأديب النحوي الواعظ، كان شديد الرد على أصحاب أبي عبد الله ابن كرام. أقام بالعراق مدة يدرس العلم، توجه إلى نيسابور بطلب من أهلها، وبنى بها مدرسة ودارا وأحيا الله تعالى به أنواعا من العلوم، ثم دُعي إلى غزنة وجرت له بها مناظرات كثيرة. بلغت مصنفاته في أصول الفقه والدين ومعاني القرآن قريبا من مائة مصنف. توفي سنة ٤٠٦ هـ.
[يُنظر: سير أعلام النبلاء، (١٧/ ٢١٤). و: وفيات الأعيان، (٤/ ٢٧٢)].
(٢) (١١٩).
(٣) يُنظر: إسلامية المعرفة، ع (٣٩)، مفهوم نقد المتن بين النظر الفقهي والنظر الحديثي، عماد الدين الرشيد، (٨٣ وما بعدها).
(٤) أي أتباع المذاهب الأربعة.

<<  <   >  >>