للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وللغزالي فيه كتاب (المآخذ)، ولأبي بكر العربي من المالكية كتاب (التلخيص) جلبه من المشرق، ولأبي زيد الدبوسي كتاب (التعليقة)، ولابن القصار من شيوخ المالكية (عيون الأدلة)، وقد جمع ابن الساعاتي (١) في (مختصره) في أصول الفقه جميع ما ينبني عليها من الفقه الخلافي، مدرجًا في كل مسألة ما ينبني عليها من الخلافيات» (٢).

وقال عن الشافعية: «وقاسموا الحنفية في الفتوى والتدريس في جميع الأمصار، وعظمت مجالس المناظرات بينهم، وشُحنت كتب الخلافيات بأنواع استدلالاتهم» (٣).

ومن نتائج الاستدراكات الفقهية أيضًا تأليف كتب الجدل تقنينًا وآدابًا.

وفي هذا المعنى يقول ابن خلدون: «فإنه لما كان باب المناظرة في الرد والقبول مُتسِعًا، وكل واحد من المتناظرين في الاستدلال والجواب يرسل عنانه في الاحتجاج،

ومنه ما يكون صوابًا ومنه ما يكون خطأً، فاحتاج الأئمة إلى أن يضعوا آدابًا وأحكامًا يقف المتناظران عند حدودها في الرد والقبول، وكيف يكون حال المستدل والمجيب، وحيث يسوغ له أن يكون مستدلاًّ، وكيف يكون مخصومًا (٤) منقطعًا، ومحل اعتراضه أو معارضته، وأين يجب عليه السكوت، ولخصمه الكلام والاستدلال» (٥).


(١) هو: أحمد بن علي بن تغلب - أو ثعلب - ابن الساعاتي، مظفر الدين، عالم بفقه الحنفية، انتقل مع أبيه إلى بغداد فنشأ بها في المدرسة المستنصرية وتولى تدريس الحنفية المستنصرية، أبوه هو الذي عمل الساعات المشهورة على باب المستنصرية، له: مجمع البحرين وملتقى النيرين، وبديع النظام، الجامع بين كتابي البزدوي والإحكام، ونهاية الوصول إلى علم الأصول. توفي سنة ٦٩٤ هـ
[يُنظر: الفوائد البهية في تراجم الحنفية، (٢٦). و: الأعلام، (١/ ١٧٥)].
(٢) مقدمة ابن خلدون، (١/ ٥٧٨).
(٣) السابق، (١/ ٥٦٧).
(٤) نبّه المحقق أن الكلمة في نسخة أخرى «مخصومًا» بينما أثبتَ «مخصوصًا»، ورجّحتُ ما أثبتُّه لمناسبته للسياق فيما يبدو لي. والله أعلم.
(٥) مقدمة ابن خلدون، (١/ ٥٧٩).

<<  <   >  >>