للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإنما قلنا ذلك لأن هذا بيع الجنس بخلاف الجنس، فلا يتحقق فيه الربا، لأن الربا هو الفضل على المساواة من حيث المالية، وذلك لا يتحقق إلا عند المجانسة.

وإنما قلنا إن هذا بيع الجنس بخلاف الجنس، وذلك لأنه جاز أن يراد به مقابلة الجنس بخلاف الجنس - بدليل أنه لو نص على ذلك وفسر يصح، والشيء لا يفسر بما لا يحتمله وإذا جاز يحمل عليه، لدلالة الدليل، وهو ظاهر حاله.

فإن قيل: قولكم بأنه جاز أن يراد به مقابلة الجنس بخلاف الجنس - قلنا: لا نسلم، وبطلانه ظاهر، لأنه تغير وصف الإطلاق، ولا يجوز تصحيح تصرف العاقل بتغيير وصف تصرفه.

والدليل على أنه لا يجوز - المعقول والأحكام:

أما المعقول - وهو أن الواجب تصحيح تصرفه على الوجه الذي باشره وقصده لا على خلافه وهو قصد المقابلة المطلقة، بقضية اللفظ، فتغييره إلى مقابلة الجنس بخلاف الجنس فسخ تصرفه وإنشاء تصرف آخر، وذا لا يجوز.

وأما الأحكام - أجمعنا على أنه لو باع ثوباً ودرهماً بدرهم وثوب وافترقا من غير قبض، لا يجوز، وإن أمكن تصحيحه بصرف الدرهم إلى الثوب والثوب إلى الدرهم.

وكذا لو اشترى قُلبا وزنه عشرة بعشرة وثوباً قيمته عشرة بعشرة، ثم باعهما بربح عشرين، لا يجوز، وإن أمكن تصحيحه بصرف كل الربح إلى الثوب.

ولئن سلمنا أنه عرى عن الربا، ولكن لم قلتم إنه عرى من شبهة الربا، وشبهة الربا مانعة جواز العقد، فإنه لا يجوز بيع الحنطة بالدقيق، وفي هذا شبة الربا لاحتمال إرادة الجنس بالجنس.

<<  <   >  >>