للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

منها، وهو كمال الشهوة الذي هو سبب الولد، بدليل أنه لو اشترى جارية فوجدها رتقاء يثبت له حق الرد، لفوات المقصود، بخلاف ما إذا أرضعت، لأن فوات اللبن ليس بفوات المقصود، بدليل أنه لو اشترى جارية فوجدها غير ذات اللبن، ليس له أن يردها - أما ههنا بخلافه.

١٤٣ - مسألة: قال أبو حنيفة: إذا باع نفس العبد منه بجارية أو أعتق عبده على جارية، ثم استحقت الجارية أو ردت بعيب، يرجع المولى على العبد بقيمة العبد لا بقيمة الجارية. وعندهم بقيمة الجارية.

والوجه فيه - أن السبب الموجب لتسليم الجارية قد بقى، وقد عجز عن تسليم نفس الجارية، فيجب تسليم ما جعل مثلاً لها بحكم العقد وهو العبد، وقد عجز عن تسليم العبد، فيجب عليه تسليم قيمته ضرورة.

وإنما قلنا- إن السبب الموجب لتسليم الجارية بقى - وذلك لأن السبب إنما هو العقد السابق وقد بقى، لأنه لو لم يبق إنما لا يبقى بالفسخ، وإنه لم يفسخ، لأنه لا يقبل الفسخ/ فعلم أن السبب الموجب لتسليم الجارية قد بقى، وقد عجز عن تسليم نفس الجارية، فيجب عليه تسليم مثلها دفعاً للضرر، ومثلها قد يكون بقيمتها باصطلاح الناس، وقد يكون باصطلاح العاقدين، وهو العبد في هذه الصورة، والمثل الذي جعل بتراضيهما أولى، لأن اصطلاحهما أنفد في حقهما، ومتى عجز عن تسليم العبد، يجب عليه تسليم مثله، وهو قيمته دفعاً للضرر.

فإن قيل: لا نسلم بأن العبد مثل الجارية، لأن المماثلة بين الشيئين إنما تكون من حيث الصورة أو من حيث المعنى - وهنا المماثلة من حيث الصورة منتفية. وكذا من حيث المعنى، لأن المعاني المطلوبة من الجارية غير المعاني المطلوبة من العبد - غاية ما في الباب أنهما اتفقا على مبادلة العبد بالجارية بالبيع، ولكن هذه لا يدل على أنهما جعلاهما مثلين، بل طلب كل واحد منهما ما في يد صاحبه.

<<  <   >  >>