للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإنما قلنا ذلك - لأن شرط جواز القضاء وجود الحجة الموجبة للقضاء، وكونه البينة حجة موجبة للقضاء تقف على وجود الدعوى والإنكار، وقد انعدم الإنكار، فلا يكون حجة.

وإنما قلنا: إن شرط كون البينة حجة وجود الإنكار، لأن الدليل ينفي كون البينة حجة، لما فيها من احتمال الصدق والكذب، إلا أن الشرع جعلها حجة ضرورة قطع المنازعة وإيصال الحق إلى المستحق، وذلك إنما يكون عند الخصومة والإنكار، فإذا انعدمت الخصومة/ والإنكار، انعدمت الضرورة، فلا تكون حجة - ألا ترى أن الشهود إذا شهدوا قبل الدعوى، ثم ادعى المدعي، لا يجوز القضاء بتلك الشهادة.

وإنما قلنا إنه لم يوجد الإنكار - لأن المدعي عليه إذا كان غائباً يحتمل أن يكون مقراً ويحتمل أن يكون منكراً، بل الظاهر منه الإقرار، بناء على ظاهر حال المدعي.

فإن قيل: قولكم بأن الدليل ينفي كون البينة حجة - قلنا: لا نسلم.

قوله: لما فيها من احتمال الصدق والكذب - قلنا: احتمالاً على السواء، وجانب الصدق فيه راجح ع م - فلم قلتم بأنه يبقى العمل بالمحتمل الذي رجح جانب الصدق فيه لظاهر حاله؟ .

ولئن سلمنا أن البينة حج ضرورية، لكن لم قلتم بأن تلك الضرورة لم توجد هنا؟ .

قوله: الإنكار شرط لوجود الضرورة - قلنا: لا نسلم - بيانه أن الضرورة الجاعلة للبينة حجة، ضرورة الوصول إلى الحق، وقد وجدت ههنا، لأن الغائب إن كان مقراً يمكنه الوصول إلى الحق بدون البينة. وإن كان منكراً، لا يمكنه الوصول إلا بالبينة، فلابد من البينة.

ولئن سلمنا أن الضرورة هي للإنكار، ولا إنكار ههنا - ولكن لم قلتم بأنه لا ضرورة إلى إثبات الحق؟ .

<<  <   >  >>