للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد روى ريتشارد كلارك، المسئول الأول عن دائرة مكافحة الإرهاب الأمريكية وقتها، في كتابه (في مواجهة كل الأعداء) - والذي عده بعض المحللين السياسيين «واحدًا من المسامير التي دقت في نعش الرئيس الأمريكي چورچ بوش الابن» (١) - روى تفاصيل هذه اللحظات الحاسمة، فقال (٢): «وفي وقت لاحق من مساء ذاك اليوم الثاني عشر من سپتمبر خرجت من مركز مؤتمر الفيديو وإذا بي أجد الرئيس بوش وحيدًا في غرفة الحالة يذرع الأرض جيئة وذهابًا، ويبدو أنه يريد أن يفعل شيئًا.

وما أن رآني، ورأى بعض فريقي، حتى أغلق باب مركز المؤتمر، وتحدث إلينا قائلًا: "انظروا، أنا أعرف أن عليكم أن تفعلوا أشياء كثيرة ... لكني أريدكم وبالسرعة الممكنة، أن تعودوا لمراجعة كل شيء، أقول كل شيء، انظروا وابحثوا إذا كان صدام قد فعل هذا. حاولوا أن تجدوا إن كان له ضلع في هذا الأمر مهما يكن ... ". وانتابتني دهشة أخرى، لا أُصَدِّق ما أسمع، وقد ظهرت علامات الدهشة على وجهي، وقلت: " ولكن يا سيدي الرئيس، القاعدة هي التي فعلت هذا"، وأجاب الرئيس: "أعلم، أعلم، ولكن ... انظروا وحاولوا أن تعرفوا إذا كان صدام متورطًا. فقط انظروا. أريد أن أعرف إن كان ثمة ضلع له ... ". فقلت: "بكل تأكيد، سوف نفعل ... مرة أخرى"، وأنا أحاول أن أكون شديد الاحترام له، ومستجيبًا لطلبه. وتابعت قولي: "ولكنك تعرف أنَّا بحثنا ونقَّبنا مرات عديدة لنجد دولة راعية لتنظيم القاعدة ولم نجد أية صلة للعراق. هناك دور محدود لإيران، وكذلك پاكستان والسعودية واليمن". فقال الرئيس بشيء من النكد والعصبية: "انظروا في أمر العراق، وصدام". ثم خرج تلاحقه نظرات ليزا جوردون هاجرتي Lisa Gordon-Hagerty (٣) التي وقفت مذهولة فاغرة الفم"» اهـ.

هكذا بدأت الحرب، تلفيقًا لا توثيقًا! ولإضفاء هالة القداسة عليها بررت الإدارة


(١) انظر، تقرير بعنوان: ضد كل الأعداء، نشره موقع (الجزيرة. نت)، قسم المعرفة، في ٣/ ١٠/٢٠٠٤م.
(٢) ريتشارد كلارك: في مواجهة جميع الأعداء، من داخل حرب أمريكا على الإرهاب، ص (٥٥ - ٦). Richard A. Clarke: Against All Enemies, Inside America's War on Terror
(٣) هي أحد خبراء الأسلحة النووية.

<<  <   >  >>