للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمريكية المتصهينة أفعالها انطلاقًا من مذهب العصمة الحرفية للكتاب المقدس، والذي يؤمن به بوش وزبانيته من الإنجيليين؛ «فالقس دافيد بريكنر David Brickner مثلًا يقول: "إننا نعرف أن تدمير بابل، الذي ورد في الإصحاح ١٨ [من سفر الرؤيا] يعني تدمير العراق"، كما أن القس شارلز داير Charles Dyer، أستاذ اللاهوت في جامعة دالاس، يدَّعي أن إصحاح (أشعياء ١٣) يشير إلى قيام صدام حسين وإلى غزوه للكويت [٢/ ٨/١٩٩٠ - ٢٦/ ٢/١٩٩١م]، وذلك لإقامة قاعدة للهجوم على إسرائيل". واعتبر القس داير، في تفسيراته لهذه النبوءات، صدام حسين خليفة (نبوخذنصر/بُخْتَنَصَّر) [٦٣٠ - ٥٦٢ق. م]، وذلك بسبب عدائه لإسرائيل وبسبب نواياه لإعادة بناء بابل» (١).

فكان غزو بوش للعراق - في زعمهم - هو تنفيذًا لأوامر الرب، وخطوة تمهيدية لمعركة هرمجدون Armageddon، الرؤية الصهيونية للملحمة! (٢).

تقول باربرا فيكتور (٣): «يخال للرئيس بوش بأن صراعًا في العراق بالنسبة للولايات المتحدة سيكون له لا إسقاطات چيوسياسية إيجابية فحسب، بل إنه سيكون إيجابيًا في دعم الثمانين مليونًا من المسيحيين الإنجيليين الذين يعتقدون بأن كل حرب ضد الإسلام ليست أي شيء سوى حرب صليبية لتحرير العالم نهائيًا من هذه الآفة. هؤلاء الإنجيليون أنفسهم مقتنعون فضلًا عن ذلك بأن انتصار أمريكا على بلد إسلامي كبير سيفتح أبواب ذلك البلد لمبشرين مسيحيين لهداية أرواح جديدة». ثم تذكر أنه «بعد اندلاع الأعمال الحربية في العراق مباشرة، زار فرانكلين جراهام Franklin Graham [المبشِّر الإنجيلي المعروف] (٤) هذا البلد ليحمل - على حد زعمه - للشعب العراقي أطعمة وألبسة


(١) انظر، محمد السماك: الدين في القرار الأمريكي، ص (٥٢ - ٣).
(٢) سيأتي التعريف بها في الفصل التالي.
(٣) باربرا فيكتور: الحرب الصليبية الأخيرة، ص (٦٩ - ٧٠) باختصار.
(٤) يذكر بوش الابن أنه يدين للقس فرانكلين هذا بالعرفان والجميل؛ ففي ١٨ إپريل ٢٠٠٣م، قال بوش بمناسبة أداء صلاة الفصح التي ترأسها فرانكلين جراهام: «لقد غرس في قلبي بذور الإيمان فتوقفت عن تعاطي المسكرات واعتنقت المسيحية». أما جراهام نفسه فحمل في هذه المناسبة الدينية على الإسلام، وقال: «إن الفرق بين الإسلام والمسيحية هو الفرق بين الظلام والنور» اهـ[انظر، محمد السماك: الدين في القرار الأمريكي، ص (٥٩)].

<<  <   >  >>