للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الغامضة، إلا أنه قد يكون من المفيد إيضاح الأمر باختصار. فالماسونية يعرِّفها الدكتور صابر طعيمة وغيره بأنها «حركة تنظيمية خفية قام بها على الأرجح حاخامات التلمود وخاصة في مراحل الضياع السياسي الذي تعرض له يهود العهد القديم، فأخذ الحاخامات على عاتقهم إقامة تنظيم يهودي يهدف إلى إقامة مملكة صهيون العالمية» اهـ[انظر، د. صابر طعيمة: الماسونية ذلك العالم المجهول، ص (١١)] .. غير أن هذا الكلام فيه نظر، والآخذ به اعتمد على ما ذكره عوض الخوري في كتابه (تبديد الظلام/أصل الماسونية)، والذي يقدم فيه تأريخًا للماسونية يصفه الدكتور طعيمة بأنه «يختلف به عن كثير من الآراء والافتراضات التي تنقصها الموضوعية ويعوزها الدليل» [المصدر نفسه، ص (٢١)]. ومفاد ما ذكره الخوري أنه في إحدى زياراته لصديقه پرودانتي دي مورايس Prudente José de Morais (١٨٤١ - ١٩٠٢ م) رئيس جمهورية البرازيل حينها، التقى بلوران چورچ، حفيد أحفاد أحد التسعة أجداد مؤسسي جماعة (القوة الخفية) التي ترأسها ملك اليهود هيرودس أجريپا، والتي تآمرت على قتل المسيح - عليه السلام -، ثم مرت بعدة أطوار على مدار الزمان حتى صارت الماسونية العالمية بأشكالها المختلفة. والقصة بطولها ينقلها الدكتور طعيمة في كتابه، وأحيل القارئ على ص (٢٠) من كتابه وما بعدها لعدم الإطالة، وكفانا هنا القول بأن سند ما يرويه الخوري عن لوران هذا عن جده الأكبر (موآب لافي)، كاتم أسرار الجماعة، إنما هو سند (أبتر)، ويعج بالمجاهيل، ودع عنك مسألة العدالة! والحاصل أنه أشبه ما يكون بالروايات الپوليسية غير المحبوكة .. إذن، فما يترجح لدي من أقوال عن تاريخ الماسونية هو قول لويس شيخو اليسوعي (١٨٥٩ - ١٩٢٨م)؛ فبعد أن نقل أقوال أعلام الماسونية العرب كشاهين مكاريوس (١٨٥٣ - ١٩١٠م) وچورچي زيدان (١٨٦١ - ١٩١٤م)، والتي وصفها بأنها «الأساطير التي تغلب على أحاديث خرافة ويجدر بها أن تلحق بأقاصيص الزير وبني هلال وعنتر!»، يكشف شيخو حقيقة الأمر ويقول: «لا يُنكر أنه شاعت بين الوثنيين في القرون السابقة لعهد المسيح عدة جمعيات سرية كانت تحجب أسرارها الفاسدة تحت ستر الظلمة فتدَّعي ظاهرًا ترقية العلوم أو التقرب من الآلهة وهي في الواقع موارد خلاعة وتهتُّك ...»، إلى أن يقول: «إنه لأقرب من العقل والتصديق أن يقال إن الماسونية هي حفيدة لجمعيات أخر وشيع سرية ظهرت في أوائل النصرانية، فقامت لمناصبة الدين المسيحي، وتعرضت لأربابه، وبثت في حقه الأكاذيب والتهم، إلا أن سهمها طاش عن غرضه. وكان أصحاب هذه الشيع يعرفون باسم الأدريين ويتظاهرون بخدمة العلوم وما كانت علومهم سوى أوهام استعاروها من التنجيم والنيرنجيات وفنون السحر وغاياتها في الغالب تعظيم القوى الطبيعية ورفع البشرية إلى درجة اللاهوت على مقتضى مبدأ الحلولية أو الانتشار. وقامت في القرن الثالث للميلاد الشيعة المانوية فأخذت من أقوال الأدريين وزادت عليها مبدأ الثانوية فجعلت إلهًا للخير وإلهًا للشر يتنازعان بينهما السيطرة في العالم. ولا شك أن في المذهب الماسوني بقايا من تلك الشيع كما أقر بالأمر أحد زعماء =

<<  <   >  >>