للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أضف إلى ذلك أنه ليس من قبيل المصادفة - وحاشاه - ذكر الله تعالى لليهود في فاتحة الكتاب التي نكررها في اليوم والليلة سبع عشرة مرة على أقل تقدير، والتعريف بأنهم: {المَغضُوبِ عَلَيهِمْ} (١)، كما أخرج الترمذي من حديث عدي بن حاتم - رضي الله عنه - (٢)، {وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} (٣).

ولذا، فالرأي هو: أن قول الله تعالى الذي استدل به الدكتور المسيري: {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ} (٤)، وقوله - عز وجل -: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} (٥) مع ما تقدم من آيات يرُد قوله: «فالمجالان الدلاليان لكلمتي (يهودي) و (بني إسرائيل) كما وردتا في القرآن محددان ولا ينطبقان بالضرورة على يهود العصر الحديث». وليس حديث الفِرَقُ منا ببعيد؛ فقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة» (٦)، لم يخرج السبعين فرقة اليهودية النارية من كونهم يهودًا بالمعنى العام للكلمة (٧)،

ولذا فعند القول بوجود يهودي أصولي


(١) الفاتحة: ٧
(٢) عن عدي بن حاتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضُلاَّل». [رواه الترمذي، كتاب تفسير القرآن: ٢٩٥٤، وصححه الألباني].
(٣) الأنعام: ٥٥
(٤) البقرة: ٢١١
(٥) النمل: ٧٦
(٦) رواه أبو داود، كتاب السنة: ٤٥٩٦، ٤٥٩٧، والترمذي، كتاب الإيمان: ٢٦٤٠، ٢٦٤١، وصححه الألباني. ولما سُئِلَ - صلى الله عليه وسلم - عن الفرقة الناجية قال: «ما أنا عليه وأصحابي».
(٧) فائدة: الفرقة الناجية اليهودية والنصرانية والإسلامية - كما في الحديث - هي كلها فرق مسلمة موحدة داخلة تحت قول الله تعالى العام: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ} [آل عمران: ١٩] وإن اختلفت شرائعها .. ولكن شرط النجاة هو الاستقامة على أمر الله كما قال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ} [المائدة: ٦٨]، وكذلك قال الله - جل جلاله -: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: ٦٢]، فإذا تحقق في العبد شرط الإيمان بالله واليوم الآخر وعمل صالحًا فهو من المسلمين المقبولين عند الله تعالى، سواء أكان من أتباع موسى أو عيسى أو محمد عليهم الصلاة والسلام أجمعين. ومن الإيمان بالله الإيمان بكل أنبيائه ورسله، وعلى رأسهم خاتم النبيين محمد - صلى الله عليه وسلم -، فمن يكفر بأحدهم كمن كفر بهم جميعًا، قال تعالى: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء: ١٢٣]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا. أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا} [النساء: ١٥٠ - ١٥١]، وقد قال تعالى فيمن أدرك بعثة رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم - ولم يؤمن به: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: ٨٥].

<<  <   >  >>