للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول جرافز في مقالته الأولى (١): «إن الوثيقة المسماة بپروتوكولات حكماء صهيون، والتي نشرت في لندن العام الماضي تحت عنوان (الخطر اليهودي The Jewish Peril)، هي ترجمة لكتاب نشره سرچي نيلوس في روسيا عام ١٩٠٥م، ونيلوس موظف حكومي ادَّعى تسلُّمه من صديق له نسخة من محضر اجتماع سري عقدته منظمة يهودية في پاريس كانت تخطط لتدمير الحضارة وإقامة حكومة يهودية عالمية.

هذه الپروتوكولات لم تحظَ باهتمام كبير حتى قيام الثورة الروسية في عام ١٩١٧م وظهور البلاشفة (٢)، والذين ضموا في صفوفهم الكثير من اليهود أظهروا معتقدات سياسية تلتقي في بعض النقاط مع تلك المذكورة في الپروتوكولات، مما أدى بالكثير إلى الاقتناع بأن اكتشاف نيلوس المزعوم كان حقيقة.

انتشرت الپروتوكولات على نطاق واسع وترجمت إلى عدة لغات أوروپية. ولكن العديد من المناقشات عقدت كذلك من أجل محاولة إثبات زيفها» اهـ.

ثم ينتقل جرافز لاستعراض أدلته؛ فيذكر أنه حينما كان يعمل مراسلًا لصحيفته في القسطنطينية (أو إسطنبول كما صار اسمها بعد عام ١٩٣٠م)، دفع إليه أحد المراسلين رفض ذكر اسمه - غالبًا لأسباب متعلقة بزمانه، وكناه بمستر إكس Mr. X.، وذكر أنه أرثوذكسي روسي مؤيد للنظام الملكي ومهتم بالمسألة اليهودية الروسية - دفع إليه نسخة من كتاب للأديب والمحامي الفرنسي موريس چولي (١٨٢٩ - ١٨٧٨م) اسمه (حوار في الجحيم بين مكيافيللي ومنوتيسكيو، أو سياسة مكيافيللي في القرن التاسع عشر، بواسطة معاصر) (٣)، طبع لأول مرة في چنيف عام ١٨٦٤م، ثم ظهرت منه طبعات أخرى في بروكسل (٤)، وفيه ينتقد چولي نظام ناپليون الثالث الفاسد Napoléon III (١٨٠٨ -


(١) The Times: Tuesday, August ١٦, ١٩٢١
(٢) البلاشفة، أو البلشفيك: أي الكثرة أو الأكثرية. وقد أطلقت جماعة الجناح اليساري من أنصار لينين في حزب العمل الاشتراكي الديمقراطي الروسي هذا التعبير على نفسها عام ١٩٠٣م.
(٣) Maurice Joly: Dialogue aux enfers entre Machiavel et Montesquieu, ou la politique de Machiavel au XIXe siècle, par un contemporain
(٤) ويحتوي المتحف البريطاني The British Museum على نسخة كاملة منه، وكذلك احتفظت المكتبة الوطنية في پاريس Bibliothèque Nationale ببعض النسخ، منها طبعة بروكسل (١٨٦٨م) التي اعتمدْت عليها في هذا البحث.

<<  <   >  >>