كذلك فإن أعضاء الجماعات اليهودية في الغرب كانوا يُعَدُّون من غرباء، وحسب القانون (العرف) الألماني، فإن الغريب يتبع الملك ويُوضَع تحت حمايته ويُصبح من أقنانه (أقنان البلاط). ومن هنا، كان لا بد أن يستند وجودهم إلى مواثيق خاصة تمنحهم حقوقًا ومزايا معيَّنة نظير اضطلاعهم بوظائف محدَّدة. ومن ناحية الأساس، كانت هذه الوظائف هي التجارة والربا وجمع الضرائب.
ويعني مفهوم أقنان البلاط أن أعضاء الجماعات اليهودية، من خلال تبعيتهم المباشرة للملك، يقعون خارج نطاق العلاقات الإقطاعية، وأنهم بذلك أصبحوا جزءًا من الطبقة الحاكمة أو على الأقل أداة في يدها. ولم يكن اليهود ملكية خاصة للملك أو لغيره بالمعنى المجازي، كما قد يتبادر للذهن لأول وهلة، فقد كانوا ملكية خاصة بالمعنى الحرفي كالعبيد أو المماليك. وقد عبَّر قانون إسپانيا الشمالية عن المفهوم حين نص على أن اليهود «عبيد الملك، وهم دائمًا مِلك الخزينة الملكية»، كما ورد نص في أحد القوانين الصادرة في إنجلترا في القرن الثاني عشر الميلادي، يوضح هذا المفهوم تمامًا، جاء فيه ما يلي: «كل اليهود حيثما كانوا في المملكة هم موالي الملك وتحت وصايته وحمايته، ولا يستطيع أيٌّ منهم أن يضع نفسه تحت حماية أي شخص قوي دون رخصة بذلك من الملك؛ لأن اليهود أنفسهم وكل منقولاتهم مِلك للملك (شاتيل Chattel). ولذلك، إن قام أي فرد باحتجازهم أو احتجاز أموالهم فإن من حق الملك، متى شاء استطاع، أن يطالب بهم باعتبارهم حقًا خالصًا له».
وكان يتم شراء أعضاء الجماعات اليهودية وبيعهم ورهنهم وكأنهم أشياء ثمينة. وأحيانًا، كان يتم إهداء يهودي واحد إلى صديق معوز. وكان من الممكن أن يقوم مالك اليهود برهنهم.
وإذا قُتل يهودي أو أُلحق به الأذى لا تُدفَع ديته أو التعويض عنه لأهله، وإنما كانت تُدفَع للملك باعتباره مالك اليهود. وفي إسپانيا المسيحية، كان من حق المحاكم اليهودية أن تصدر حكمها بالإعدام على أي يهودي، وأن تقوم بتنفيذ الحكم عليه ولكن بعد أن تدفع ثمنه للملك. وإن ألحقت إحدى المدن الأذى باليهود، كان عليها دفع غرامة للإمپراطور. وكان الملك يتدخل بكل قوته لحماية اليهود. وكان بوسع من ليس لديه يهود