أن يقتنيهم وأن يحصل على المواثيق الإمپراطورية التي تخول له ذلك. وكانت بعض المدن تشتري اليهود المقيمين فيها من الإمپراطور حتى يمكنها طردهم والتخلص من منافستهم. وكان من حق الملك أن يتصرف بشكل مطلق في أملاك اليهود، فكان أحيانًا يهدي كل ممتلكاتهم إلى أحد أصدقائه دون أن يكلف نفسه عناء إخبارهم.
وكان التصرف في ملكية اليهود الذين يموتون أو يُقتَلون أمرًا سهلًا للغاية. وكانت حماية الإمپراطور لليهود تمتد لتشمل حرية الحركة وإعفاءهم من كل القيود التي كانت تعوق التنقل والتجارة، كما كانت تشمل مزايا ضخمة تضعهم في مرتبة أعلى من كل طبقات المجتمع المسيحي في العصور الوسطى ربما باستثناء النبلاء، وكانت هناك حالات يتساوى فيها اليهود مع كبار النبلاء (١).
وكان من بين اليهود من هم في درجة أرقى من الأقنان، وهم من عرفوا باسم يهود البلاط، «وهم وكلاء الحكام ومستشاروهم في الأمور التجارية والمالية في العالم الغربي، وهم من أهم الجماعات الوظيفية الوسيطة في عصر الملكيات المطلقة في أوروپا، خصوصًا في وسطها في القرن السابع عشر. وكانت العلاقة بين يهود البلاط والأمراء كانت علاقة نفعية تمامًا، فهم يستفيدون من علاقتهم بالحاكم ليحققوا الثروات ويحصلوا على المزايا. وهو بدوره يبقي عليهم بمقدار ما يستفيد من وجودهم باعتبارهم مصدرًا لا ينضب للثروة، يعتصر كميات كبيرة من أموالهم عن طريق الضرائب التي يفرضها عليهم ومن خلال الهدايا التي كان يحصل عليها منهم في مناسبة تتويجه وفي غير ذلك من المناسبات. كما أنهم كانوا يشترون منه حقوقهم وامتيازاتهم نظير أموال طائلة. وإلى جانب هذا، كانوا يؤدون العديد من الخدمات للبلاط، أي إنهم كانوا أداة للتاج لا تربطهم به رابطة وثيقة تتجاوز المستوى الاقتصادي النفعي.
وكان يهود البلاط مكروهين من الجماهير باعتبارهم أداة الاستغلال المباشرة، ومن البورچوازية المحلية لأنهم يشكلون غريمًا لها، ومن النبلاء وكثير من أعضاء النخبة الحاكمة لأنهم أداة في يد الملك يستخدمها لتدعيم نفوذه على حسابهم.