للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القريبون منهم مثل طرق الرهبان المتسولين. وصحيح أنه في أغلب الأحوال - ولا أعتقد في جميعها - حمت طبقة النخبة اليهود ودافعت عنهم ليس لاعتبارات إنسانية ولا تعاطف مجرد مع اليهود، ولكن للسبب الذي يستخدمه الحكام بشكل عام من أجل تحقيق مصالحهم ... ولهذا السبب فإن جميع المجازر التي تعرض لها اليهود خلال الفترة الكلاسيكية كانت جزءًا من ثورات الفلاحين أو حركات شعبية أخرى، في أوقات كانت الحكومة فيها لسبب ما في غاية الضعف، ويصدق هذا حتى في الحالة الاستثنائية جزئيًا لروسيا القيصرية» اهـ.

وكان اليهودي يسقط ضحية الثورات الشعبية لأنه قريب ومتاح ومباح باعتباره عضوًا في جماعة وظيفية، على خلاف الملك الموجود في قصره خلف حراسه، والذي يشكل الهجوم عليه لا مجرد مظاهرة شعبية وإنما ثورةً هائلة (١).

يقول شاحاك (٢): «وكحكم عام يمكن استخلاصه، فإن جميع المذابح الكبرى التي تعرض لها اليهود في أوروپاالمسيحية خلال موجة الغزوات الصليبية الأولى لم تكن جيوش الفرسان النظامية تحت قيادة الدوقات والكونتات الكبار هي التي تحرشت باليهود، ولكن الجماهير الشعبية العفوية المكونة على وجه الحصر من الفلاحين والفقراء الذين جاءوا في أعقاب بطرس الناسك».

ولكن هذا لا يجعلنا بحال من الأحوال نغفل عن أن ما أصابهم كان جزاء بما كانوا يعملون، فالله تعالى لا يظلم مثقال ذرة، قال سبحانه: {فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا. وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (٣).

لقد قالوا - لعنهم الله - في تلمودهم: «يجوز أخذ الربا من المرتدين الواقعين في الوثنية»، وقالوا: «يجوز، وفقًا للتوراة، إقراض بربا لآكوم Akum (٤) . بعض الشيوخ


(١) د. عبد الوهاب المسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (٢/ جماعة يهودية وظيفية مالية (الربا والإقراض)).
(٢) إسرائيل شاحاك: اليهود واليهودية، ثلاثة آلاف عام من الخطايا، ص (١٠٥).
(٣) النساء: ١٦٠ - ١٦١
(٤) كلمة يطلقها اليهود على النصارى، وهي تعني عبدة النجوم والكواكب.

<<  <   >  >>