للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مع ذلك يحرمون هذا، إلا إذا كانت قضية حياة أو موت. وفي أيامنا الراهنة، مسموح التعامل بالربا لأي سبب» اهـ (١).

وكان بعض أعضاء الجماعات اليهودية يرون أن الاشتغال بالربا وسيلة من وسائل الانتقام من الأغيار، وطريقة لتوسيع الهوة بين اليهود وغيرهم. وبالتالي لم يَعُد الربا مجرد مهنة أو مصدرًا للدخل وإنما أمرًا مرغوبًا فيه في حد ذاته، وتَحوَّل من مجرد وظيفة إلى فعل رمزي ذي مضمون نفسي مُحدَّد، بل إن بعض المفكرين الدينيين وصف الاشتغال بالربا بأنه طريقة مثالية لتحقيق أرباح سريعة دون إنفاق وقت طويل بما يتيح لليهودي التفرغ لأسمى أهداف حياته، أي دراسة التوراة. وقد فسر بعض الحاخامات ازدهار الدراسات التلمودية في ألمانيا، والدينية على وجه العموم، بأن اليهود كانوا يعملون فيها بالربا أكثر من أي بلد آخر! (٢).

بل وتُعَد مسرحية تاجر البندقية The Merchant of Venice التي كتبها وليام شكسپير William Shakespeare (١٥٦٤ - ١٦١٦ م) تلخيصًا لشخصية اليهودي المرابي الجشع في كل عصر وكل مكان (٣).


(١) انظر، آي. بي. پرانايتس: فضح التلمود، ص (٧٩، ١٣٤). I. B. Pranaites: The Talmud Unmasked
(٢) د. عبد الوهاب المسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (٢/ جماعة يهودية وظيفية مالية (الربا والإقراض)).
(٣) تحكي المسرحية قصة حادثة وقعت في مدينة البندقية في إيطاليا بين تاجر شهم محب للخير اسمه أنطونيو Antonio، وبين مرابٍ يهودي شرير اسمه شيلوك Shylock، وكان اليهودي يغار من أنطونيو ويحقد عليه، وذات مرة اقترض أنطونيو بعض النقود من اليهودي المرابي، فقال له الأخير: «سوف أكتبك من باب المزاح قرارًا بأنك إذا لم تدفع الدين في موعده في يوم كذا وبالمكان الفلاني يكون من حقي اقتطاع رطل من لحمك من المكان الذي أختاره من جسمك»، ومن باب المزاح أيضًا وطيبة القلب كتب أنطونيو على نفسه هذا الإقرار، وهو متأكد أن شيلوك مهما بلغت أحقاده وشروره فلن يصل به الأمر أن يفكر جديًا في تنفيذ هذا الاتفاق الهزلي، لكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن، وعجز أنطونيو، وعندما احتكما للقضاء طالبت پورشيا Portia محامية أنطونيو بتنفيذ نص الإقرار، وهو أن يأخذ شيلوك رطل لحم من جسد أنطونيو، ولكنها اشترطت ألا ينزف نقطة دم واحدة من جسد أنطونيو، وبالطبع لم يستطع شيلوك تنفيذ هذا الأمر، واتضح للمحكمة سوء نيته، وأنه لم يكن يريد استرداد حقه، ولكنه كان يريد سفك دماء أنطونيو والانتقام منه، فصادرت أمواله كلها جزاء لأحقاده وسوء نيته.

<<  <   >  >>