للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اليهود)، حيث يقول (١): «ولد مارتن لوثر في مجتمع معادٍ لليهود ... ولكن كما يقول مارك إدواردز Mark U. Edwards في كتابه (معارك لوثر الأخيرة Luther's Last Battles): " التقى لوثر مع اليهود في حالات نادرة فقط؛ فهو لم يسكن أبدًا إلى جوارهم، ولكنه وَرِثَ تراثًا يهوديًّا وشعبيًّا معاديًا لهم؛ لقد عاش في مجتمع نصراني كبير، يرى اليهود أناسًا منبوذين، مذنبين لقتلهم المسيح، ولإمكانهم قتل الأطفال النصارى من أجل أغراضهم الشريرة ... ولقد عاش كذلك في مجتمع محلي صغير قام بطرد اليهود قبلها بنحو تسعين سنة".

في بداءة حياته الأكاديمية، كان للوثر في اليهود أربعة اعتقادات لاهوتية راسخة، ولم تتغير هذه الاعتقادات طوال هذه الفترة، وهي (٢):

- أن العقاب الإلهي قد حل على شعبه العاصي، وأن الله وحده هو القادر على رفعه عنهم.

- اليهود غير قابلين للتنصير القسري، ولا يمكن تخليصهم بفعل بشري.

- بسبب عنادهم لله وكفرهم بالمسيح فإن عقيدتهم هي فعليًا عقيدة معادية للنصرانية.

- ولكن هذه الأشياء لا تنطبق فقط على اليهود، بل على كل من عادى الرب من البشر، ولذا فإن اليهود والنصارى غير المؤمنين كلاهما مشترك في نفس المعصية.

وعلى الرغم من أن موقفه العقدي لم يتغير، فإن نظرته لليهود طرأ عليها بعض التغيير. وبدى هذا التغيير واضحًا في بدايات دراسته اللاهوتية، تحديدًا في الفترة التي احتدم فيها النقاش حول حظر وإتلاف نسخ التلمود حوالي عام ١٥١٠م، وكان لوثر حينها يؤازر العالم الألماني چوهان روشلين Johann Reuchlin [١٤٥٥ - ١٥٢٢ م] الضليع في العبرية واليونانية، والذي وضع كتابه De Rudimentis Hebraicis الذي يعد أول كتاب في قواعد اللغة العبرية طبع في ألمانيا، ولقد اهتم لوثر كثيرًا بهذا الكتاب نظرًا


(١) James Swan: Martin Luther's Attitude Toward the Jews, ch. V (Luther's Early Attitude Toward the Jews)
(٢) كما يذكرها جوردون رَپ في كتابه: مارتن لوثر واليهود. Gordon Rupp: Martin Luther and the Jews

<<  <   >  >>