للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القبائل اليهودية العشر المفقودة والذين عبروا آسيا غربًا إلى الصين ثم إلى أمريكا، بينما يؤيد علماء الإنسانيات نظرية أن الهنود الحمر هم الميكادو Mikado، أي الجيش المغولي الذي عبر مضيق بيرينج Bering Strait.

ولكن سرعان ما انتشرت هذه الرواية بين الهولنديين الپيوريتانيين، وتحمست لها طائفة الألفيين الذين كانوا ينتظرون مملكة القديسين، وتبعًا لتفسيرهم لنبوءة الكتاب المقدس، فيجب أن تشمل العودة من المنفى القبائل العشرة المفقودة التي اختفت في القرن العاشر قبل الميلاد. فعند التقائهم مع بني يهوذا، كما كان الحال أيام داود وسليمان، يستطيع المسيح بن داود الظهور على الأرض (١).

ولقد ربط كتاب مناسح (أمل إسرائيل) بين التفكير اللاهوتي والسياسة العملية؛ فلم يكن يرى أن إعادة السماح لليهود بدخول إنجلترا هدف في حد ذاته ولكنه خطوة نحو إعادة استيطانهم النهائي في فلسطين. ولقد راجت الترجمة الإنجليزية لكتابه ونفدت ثلاث طبعات منه قبل أن تطأ قدما المؤلف أرض إنجلترا عام ١٦٥٥م، مما يدل على سيطرة الأفكار الصهيونية على عقلية الرأي العام الإنجليزي (٢).

تقول باربرا تخمان (٣): «هذا الحرص من إنجلترا الپيوريتانية في الاهتمام باستعادة إسرائيل، أصله ديني بلا جدال، كنتاج لسيطرة العهد القديم على العقل والإيمان الخاص بحكم منتصف القرن التاسع عشر، ولكن الدين لم يكن كافيًا، ولم يكن إخاء البريطانيين الروحي مع بني إسرائيل وأفكارهم عن التسامح وآمالهم بعهد المسيح الجديد ستثمر، لولا تدخل السياسة والاقتصاد للتعجيل بالأمور» اهـ.

ومما لا شك فيه أن نشر النصوص التوراتية بشكلها الأصلي الذي لم يعد مشوبًا بالتفسيرات الكنسية الرسمية أتاح لبعض الپروتستانت أن يضفوا على الكتاب المقدس صبغة سياسية.

ومن المفارقات أن اليهود أنفسهم كانوا يحاولون خلال هذه الفترة أن يجردوا الكتاب


(١) باربرا تخمان: الكتاب المقدس والسيف (١/ ١٥٧ - ٨) باختصار وتصرف.
(٢) انظر، د. ريچينا الشريف: الصهيونية غير اليهودية، ص (٣٩ - ٤٠).
(٣) باربرا تخمان: الكتاب المقدس والسيف (١/ ١٦٨ - ٩).

<<  <   >  >>