للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي قدم على أثر هذه المفاوضات طلبًا رسميًا لمجلس الدولة لإعادة السماح لليهود بدخول إنجلترا.

وتسارعت الأحداث نحو ذروتها. ورفضت هولندا المغرورة الاتحاد مع بريطانيا المبتدئة - حيث لم تكن إمپراطورية بعد -. وبناءً على ذلك، عملت بريطانيا بمبدأ (إن لم تستطع الانضمام إليهم فاهزمهم)، فأصدرت فورًا القانون البحري الذي يمنع السفن الأجنبية من الاتجار مع إنجلترا ومستعمراتها. وأصاب هذا الهولنديين في معيشتهم، وبدأت الحرب مع إنجلترا بعد ذلك بعام. ولتوقعه لذلك، أرسل كرومويل إلى مناسح بن إسرائيل جواز سفر داعيًا إياه للدفاع عن قضيته بنفسه في نفس يوم صدور القانون البحري. وكما أشار المؤرخ الإنجليزي اليهودي سيسل رُوثّ Cecil Roth (١٨٩٩ - ١٩٧٠ م)، فإن هذه الصدفة تستحق التدوين. وكان كرومويل متحمسًا لنقل تجار أمستردام اليهود إلى لندن، كإجراء سيفيد إنجلترا في سباقها مع هولندا.

ولكن قبل أن يأتي مناسح، اندلعت الحرب الهولندية الإنجليزية، وفي أثناء اندلاعها، لم يُتخذ أي إجراء حيال اقتراحه، حتى انتهت الحرب الهولندية، ولاحت الحرب الإسپانية في الأفق بسبب التنافس التجاري كذلك. وظل كرومويل يضغط لأجل إصدار قرار بشأن إعادة اليهود لبريطانيا، الذين ظلت علاقاتهم التجارية وثيقة بإسپانيا والپرتغال. وفي عام ١٦٥٤م، دعا كرومويل مناسح مجددًا للقدوم لإنجلترا، وقَبِل الأخير وحضر بصحبة ثلاثة أحبار زملائه بدفاعات جديدة لصالح هدفه. وكان مما ركز عليه مناسح هو «الربح الذي هو أقوى الدوافع على الإطلاق»، وأشار إلى كم يمكن أن تكون أهمية اليهود كقنوات للتأثير في التجارة أمام هولندا وإسپانيا والپرتغال، وتكلم عن الحب الذي يكنه اليهود للكومنولث بسبب كونه أكثر تسامحًا من الممالك الأخرى، وردَّ على الاتهامات التقليدية التي تثار ضد اليهود كتهمة الدم وسعيهم في قتل المسيح وغيرها .. وأثار طبع خطاب مناسح دوامة من الجدل أغرقت فيها العيوب المزايا، وأثيرت التهم القديمة مع تهم جديدة، بما فيها أن كرومويل يهودي وأن اليهود سوف يشترون كنيسة (القديس) پولس ومكتبة بودليان Bodleian Library (١) .


(١) باربرا تخمان: الكتاب المقدس والسيف (١/ ١٥٩ - ٦٤) باختصار وتصرف.

<<  <   >  >>