للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- لا تحرم الشريعة اليهودية أي نوع من الحرف أو الفنون أو الأعمال.

- توصي الديانة اليهودية بممارسة الزراعة والصناعة والحرف كما صنع الآباء في فلسطين.

- الربا محرم على اليهود فيما بينهم، وكذلك مع أبناء الأمم الأخرى المسيحيين.

ونلاحظ من خلال هذه الإجابات - ومن تحريم المناقشة على اليهود غير الفرنسيين كذلك -، أن هذا السنهدرين كان ديپلوماسيًا أكثر منه شرعيًا، وبصراحة كان ينافق الإمپراطور، بهدف اكتساب حقوق مدنية في الدستور الفرنسي، ولوكان ثمن ذلك إجابات تتضمن كثيرًا من الغش والانحراف عن منطوق الشريعة ومفهومها في العقل اليهودي (١).

وبحلول عام ١٨١١م، كان قد تم تطبيع أعداد كبيرة من اليهود في فرنسا إلى حد كبير، وبرغم كل التعثرات، فإن فرنسا أثبتت قدرة غير عادية على استيعاب اليهود وهضمهم، حتى أن اليهود كانوا يعبِّرون عن دهشتهم لهذه المقدرة، فكانوا يشيرون إلى فرنسا بأنها «البلد الذي يأكل اليهود!».

ومما يجدر ذكره أن ناپليون -كما تبنَّى في إطار محاولته تأسيس الدولة الفرنسية الحديثة سياسة تهدف إلى دمج أعضاء الجماعات اليهودية ودعاهم إلى نبذ خصوصيتهم - تبنَّى سياسة مغايرة تمامًا في إطار سياسته الإمپريالية؛ إذ دعاهم للعودة إلى فلسطين لإحياء تراثهم العبري القديم مستخدمًا ديباجات صهيونية تؤكد أن اليهود ليسوا أقليات دينية تندمج في أوطانها وإنما شعب عضوي يجب أن يُرحَّل إلى فلسطين (٢).

تقول ريچينا الشريف (٣): «قلة فقط هم الذين لا يجهلون الآن حقيقة أن ناپليون بوناپارت كان أول رجل دولة يقترح إقامة دولة يهودية في فلسطين قبل وعد بلفور بمائة


(١) د. حسن ظاظا: الشخصية الإسرائيلية، ص (٥٥ - ٧) باختصار وتصرف يسير.
(٢) د. عبد الوهاب المسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (٤/ فرنسا منذ الثورة) بتصرف.
(٣) د. ريچينا الشريف: الصهيونية غير اليهودية، ص (٧٤).

<<  <   >  >>