للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اليهودية. وكان قيام واحدة من أكثر المجلات نفوذًا بنشر مقال يؤيد عودة اليهود دليلًا آنذاك على التأييد الذي لم يعد مقتصرًا على مجموعات دينية معينة، بل تعداها إلى الاعتراف الشعبي العام. وفي هذا المقال عبر شافتسبري عن اهتمامه بالجنس العبري وعارض بشدة فكرة الخلاص والدمج بحجة أن اليهود سيبقون غرباء في كل مكان إلا في فلسطين. وكان انشغال شافتسبري المستمر بعودة اليهود إلى فلسطين كشعب هو الذي جعله النصير الرئيس لمثل هذه الخطة قبل أن تنتشر في أوساط المؤسسة البريطانية الاستعمارية والسياسية. وكان أشد اقتناعًا من الپيوريتانيين الذين سبقوه بأن الوسيلة البشرية قد تحقق أهدافًا سماوية - وهو المبدأ الذي لم يكن مقبولًا لدى غالبية اليهود آنذاك -، وجعل شافتسبري أكبر همه إقناع قرنائه الإنجليز بأن اليهود ليسوا أهلًا للخلاص فحسب، ولكنهم عنصر حيوي في أمل المسيحية بالخلاص على الرغم من أنهم متعجرفون، سود القلوب، ومنغمسون في الانحطاط الخلقي والعناد والجهل بالإنجيل.

وكانت فلسطين في مخيلة شافتسبري بلدًا مهجورًا، وكان هو واضع شعار "وطن بدون شعب لشعب بدون وطن" الذي حوله الصهيونيون فيما بعد إلى "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"» اهـ.

ترى باربرا تخمان أن دوافع لورد شافتسبري كانت دينية صرفة، فتقول (١): «أصبح [شافتسبري] أكثر الشخصيات غير السياسية نفوذًا في العصر الفيكتوري [عصر الملكة فيكتوريا Queen Victoria (١٨١٩ - ١٩٠١ م)] بعد داروين. لقد كانت دوافعه دينية، وليست إمپريالية مثل دوافع وزير الخارجية. لقد كان شافتسبري يمثل الكتاب المقدس، وپالمرستون، إذا جاز لنا القول، يمثل السيف». وتنقل عنه قوله: «أنا إفانجليكي الإفانجليكيين» (٢)، وتقول (٣): «وقد أسس حياته على الاتباع الحرفي للكتاب المقدس. وكان يقول عنه "إنه كلام الله المكتوب من أول حرف فيه إلى آخر حرف ومن آخر حرف إلى أول حرف ... ولا شيء غير النص المقدس


(١) باربرا تخمان: الكتاب المقدس والسيف (٢/ ٤١).
(٢) السابق (٢/ ٤٨).
(٣) السابق (٢/ ٤٢) بتصرف يسير.

<<  <   >  >>