للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واتهمت رأس المال اليهودي بأنه غريب وبأن الجماهير اليهودية معادية للحضارة الحديثة جاهلة بها. وتم تأسيس أحزاب قومية شعبية پولندية جعلت الحرب ضد دمج اليهود هدفًا أساسيًا لها.

وبسبب توجهها القومي الواضح، ألقت الكنيسة الكاثوليكية في پولندا بثقلها وراء الحركات الشعبية المناهضة لليهود. وكانت كل هذه الحركات تهدف إلى طرد أعضاء الجماعة اليهودية من قطاعات اقتصادية معيَّنة، وهو أمر ممكن من الناحية النظرية، ولكن لم يقابله اتجاه مماثل نحو خلق فرص اقتصادية جديدة في مجالات أخرى. والواقع أن الهدف كان طرد اليهود ونقلهم لا دمجهم في المجتمع. ومن هنا كان تأييد الحكومة الپولندية للحركة الصهيونية ولجهودها الرامية إلى تهجير اليهود إلى فلسطين (١).

وفي روسيا، ظلت المشكلة قائمة دون حل. وكلما احتدمت الأزمة، كانت الحكومة الروسية تشكل لجنة لدراسة الموقف لترفع بدورها توصياتها للحكومة. وكانت هذه التوصيات تنبع من جهل عميق بآليات الظواهر الاجتماعية ويتولى تنفيذها جهاز تنفيذي متعصب جاهل فاسد يتسم بعدم الكفاءة. وظل التناقض الأساسي في سياسة الحكومة القيصرية بين رغبتها في التحديث والتنمية الاقتصادية من جهة والشكل الاستبدادي السياسي الذي يُفشل كل المحاولات التي تستهدف حل المسألة اليهودية من جهة أخرى. وقد تعثر تمامًا تحديث اليهود بل تحديث المجتمع ككل، في أواخر القرن التاسع عشر (٢).

وأدى ذلك بطبيعة الحال إلى هجرة أعداد كبيرة من يهود اليديشية، وخصوصًا في الفترة ما بين (١٨٨١ - ١٩١٤م)، وهم بذلك يكوِّنون الأغلبية الساحقة من يهود تلك البلاد التي كانت تضم جماعات يهودية صغيرة جدًا قبل وفود يهود اليديشية. وأدَّى وفودهم إلى زيادة معدلات معاداة اليهود نظرًا لتخلفهم وتميزهم الوظيفي والإثني.

ومن هنا كان رد الفعل العنصري في ألمانيا وفرنسا وإنجلترا، الأمر الذي أدَّى إلى


(١) السابق (٤/ پولندا بعد التقسيم حتى الحرب العالمية الثانية) باختصار.
(٢) السابق (٤/ روسيا من القرن التاسع حتى التقسيم الأول لپولندا) باختصار.

<<  <   >  >>