والذي حدَّد طبيعة علاقة الصهاينة بالنظام النازي بشكل واضح لا إبهام فيه. وقد اتخذ الإعلان شكل مذكرة أُرسلت مباشرةً إلى الحزب النازي وهتلر وتم من خلالها تحديد المقولات المشتركة بين النازيين والصهاينة.
ولقد أوضحت المذكرة نقط الالتقاء الفلسفية والنظرية بين الصهيونية والنازية؛ فأكدت أن الصهيونية مثل النازية تمزج الدين بالقومية، فالأصل والدين ووحدة المصير والوعي الجماعي يجب أن تكون كلها ذات دلالة حاسمة في صياغة حياة اليهود. وتؤكد المذكرة أن المنظمة تقبل مبدأ العرْق، أحد ثوابت الرؤية النازية، كأساس لتصنيف الأفراد والجماعات المختلفة، ولإنشاء علاقة واضحة مع الشعب الألماني وحقائقه القومية والعرْقية. كما تقوم المذكرة بتعريف اليهود تعريفًا عرْقيًا، مبينة أن هدف الصهيونية هو التصدي للزيجات المختلطة والحفاظ على نقاء الجماعة اليهودية. وقد طرحت المنظمة الصهيونية نفسها باعتبارها الحركة الوحيدة القادرة على أن تأتي بحل للمسألة اليهودية يحوز رضا الدولة النازية الجديدة ويتفق مع خُططها، حل يهدف إلى بعث اليهود من الناحية الاجتماعية والثقافية والأخلاقية في إطار فكرة الشعب العضوي ويتبع النموذج النازي.
وتمضي المذكرة قائلة إن الصهيونية تأمل أن تحظى بالتعاون مع حكومة معادية لليهود بشكلٍ أساسي، إذ لا مجال للعواطف عند تناول المسألة اليهودية، فهي مسألة تهم كل الشعوب (وخصوصًا الشعب الألماني) في الوقت الراهن.
وفي نهاية المذكرة/الإعلان، شجب الصهاينة جهود القوى المعادية للنازية وهتلر، والتي كانت قد طالبت في ربيع عام ١٩٣٣م بمقاطعة ألمانيا النازية اقتصاديًا.
ومما يجدر ذكره أن هذه الوثيقة لم تُكتَشف إلا عام ١٩٦٢م ولم تُعط الذيوع الذي تستحقه، رغم أنها تلقي الكثير من الضوء على علاقة النازيين بالصهاينة. وربما لو عرف مؤرخو الإبادة النازية في الشرق والغرب بها لنظروا إلى الإبادة النازية لليهود نظرة مختلفة بعض الشيء.
وحينما استولى النازيون على السلطة، سمحوا للصهاينة بالقيام بنشاطاتهم الحزبية، سواء اتخذت شكل اجتماعات أو إصدار منشورات أو جمع تبرعات أو تشجيع الهجرة أو