للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يأت إلا بما هو شرير وغير إنساني كأمره بنشر الإسلام بحد السيف» اهـ (١).

فهذا ابتداءً أقول له كما قال فولتير Voltaire (François-Marie Arouet) (١٦٩٤ - ١٧٧٨ م) عندما ذُكِرَ لديه رجال الپروتستانتية الأوائل مارتن لوثر وچون كالفن (٢)، قال: «كلاهما لا يصلح أن يكون حذاءً لمحمد» (٣)، وأزيد: لقد شهد شاهد من أهلكم بالحق حينما قال (٤): «ولم ينتشر القرآن بالسيف إذن، بل انتشر بالدعوة وحدها، وبالدعوة وحدها اعتنقته الشعوب التي قهرت العرب مؤخرًا كالترك والمغول»، وكفاك بتسترك على فضائح كنيستك الجنسية عارًا!

ومهما بلغ سعي الكاثوليك لتبرير قوله الذي لم يرجع عنه صراحةً، فسعيهم رد؛ ذلك لأن خطابًا رسميًا كهذا لا يخرج فيه الكلام عفويًا، والرجل لم يقل قولته ارتجالًا، بل كان الأمر مبيتًا بليل، وكما يذكر ابن القيم عن يحيى بن معاذ (ت. ٢٥٨هـ) (٥): «القلوب كالقدور تغلي بما فيها، وألسنتها مغارفها»، وصدق الله العظيم القائل: {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} (٦).


(١) ولما طالب المسلمون بنديكت بالاعتذار، أجاب رئيس الوزراء الإسپاني السابق خوسيه ماريا أثنار José Mar ي a Aznar بالنيابة: «ولماذا لا يعتذر لنا المسلمون عن الفترة التي قضوها في الأندلس، والتي تقارب ثمانية قرون؟!». [نشره موقع الموندو الإخباري الإسپاني في يوم ٢٢/ ٩/٢٠٠٦م. www.elmundo.es].
(٢) سيأتي التعريف بهما في موضعه.
(٣) يذكر الأمير شكيب أرسلان (١٨٦٩ - ١٩٤٦م) أن فولتير قد قال هذه العبارة أمام الأمير سيندورف النمساوي الذي صار فيما بعد رئيسًا لوزراء إمپراطورية النمسا [لم أقف له على ترجمة في المراجع المتاحة]. وكان نقله هذه الجملة عن فولتير في أيام شبابه، عندما اجتمع به في سويسرا، فقيَّدها في مذكراته المحفوظة في خزانة كتب فيينا، وعنها نقلتها جريدة (الطان Le Temps) الفرنسية، ونقلها عن الجريدة الأمير شكيب أرسلان في كتابه (لماذا تأخر المسلمون؟ ولماذا تقدم غيرهم؟)، انظره ص (١٣٠) الهامش.
(٤) هو جوستاف لوبون، في كتابه: حضارة العرب، ص (١٢٨). ويضيف قائلًا: «وبلغ القرآن من الانتشار في الهند، التي لم يكن العرب فيها غير عابري سبيل، ما زاد معه عدد المسلمين على خمسين مليون نفس فيها، ويزيد عدد مسلمي الهند يومًا فيومًا مع أن عدد الإنجليز الذين هم سادة الهند في الوقت الحاضر يجهزون البعثات التبشيرية ويرسلونها تباعًا إلى الهند لتنصير مسلميها على غير جدوى» اهـ[نفسه].
(٥) ابن قيم الجوزية: الداء والدواء، ص (٢٢٠).
(٦) آل عمران: ١١٨

<<  <   >  >>