للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليها عثمان وامتلأ بها قلبه أطمعت الكثير فيه، وأرادوا أن يتخذوا من رحمته مطية لأهوائهم».

ويقول الدكتور محمد أمحزون (١): «لقد كان مجيء عثمان مباشرة بعد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - واختلاف الطبع بينهما مؤديًا إلى تغير أسلوبهما في معاملة الرعية، فبينما كان عمر قوي الشكيمة، شديد المحاسبة لنفسه ولمن تحت يده، كان عثمان ألين طبعًا وأرق في المعاملة، ولم يكن يأخذ نفسه أو يأخذ الناس بما يأخذهم به حتى يقول نفسه: "يرحم الله عمر، ومن يطيق ما كان عمر يطيق؟! " (٢)» اهـ.

واستمر الحصار من أواخر ذي القعدة إلى الثامن عشر من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين. وكان عثمان - رضي الله عنه - في أثناء الحصار في غاية الشجاعة وضبط النفس، فهو هادئ أشد ما يكون الهدوء مطمئن النفس غاية الاطمئنان رغم قسوة الظروف ورغم الحصار، وذلك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد نبأه بهذا الأمر من قبل، فعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: «كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في حائط من حيطان المدينة، فجاء رجل فاستفتح، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: افتح له وبشره بالجنة، ففتحت له، فإذا هو أبو بكر، فبشرته بما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، فحمد الله، ثم جاء رجل فاستفتح، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: افتح له وبشره بالجنة، ففتحت له فإذا هو عمر، فأخبرته بما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فحمد الله، ثم استفتح رجل، فقال لي: افتح له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه، فإذا عثمان، فأخبرته بما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحمد الله، ثم قال: الله المستعان» (٣). أيضًا، قال - صلى الله عليه وسلم -: «يا عثمان إن ولاك الله هذا الأمر يومًا [أي


(١) د. محمد أمحزون: تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة، ص (٢٦٧).
(٢) تاريخ الطبري (٤/ ٤٠١).
(٣) رواه البخاري، كتاب فضائل الصحابة: ٣٦٩٣

<<  <   >  >>