للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد أثار انتشار الإسلام وامتداد الفتوح الإسلامية في عهد الخلافة الراشدة شرقًا وغربًا حفيظة أعداء الإسلام، وراموا كيده والنيل من المسلمين، وكانت وسيلتهم في البداية مجابهة المسلمين في ميادين القتال، ولكن جهودهم باءت بالفشل حيث توالت عليهم الضربات في مواقع: القادسية ونهاوند وتُستَر ... إلخ، فرأوا أن كيد الإسلام بالحيلة والوقيعة أنجع، فأخذوا يحيكون مخططاتهم في الخفاء لهدم الإسلام وتفتيت وحدة المسلمين.

ومن ضمن خططهم تزييف الأخبار وترويج الشائعات الكاذبة التي استهدفت النيل من الإسلام بتشويه سيرة الصحابة - رضي الله عنهم - إذ إن التشكيك في ثقتهم وعدالتهم هو تشكيك بالتالي في صحة الإسلام وعدم صلاحيته (١). غير ذلك فإن القدح في أهل خير القرون الذين صحبوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو بمثابة القدح فيه - صلى الله عليه وسلم -، قال الإمام مالك (٩٣ - ١٧٩هـ) وغيره من أئمة العلم: «هؤلاء - يعني الرافضة ومن على شاكلتهم من الزنادقة - طعنوا في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما طعنوا في أصحابه ليقول القائل: رجل سوء كان له أصحاب سوء، ولو كان رجلًا صالحًا لكان أصحابه صالحين» (٢).

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الكذب له أسباب تقتضيه منها (٣):

- الزندقة والإلحاد في دين الله.

- نصرة المذاهب والأهواء.

- الترغيب والترهيب لمن يظن جواز ذلك.

- الأغراض الدنيوية لجمع الحطام.

- حب الرياسة بالحديث الغريب.

ويعرض ابن خلدون للدوافع والأسباب التي تقود إلى الوضع والكذب في الأخبار فيذكر منها (٤):


(١) د. محمد أمحزون: تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة، ص (٣٨ - ٩).
(٢) انظر، ابن تيمية: مجموع الفتاوى (٤/ ٤٢٩).
(٣) السابق (١٨/ ٤٦).
(٤) مقدمة ابن خلدون، ص (٤٦ - ٧) بتصرف.

<<  <   >  >>