للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نقتلهم به، ونحن أسرع الناس إليك» (١)، وقال ابن حزم (٢): «لم ينكر معاوية قط فضل علي واستحقاقه الخلافة، لكن اجتهاده أداه إلى أن رأى تقديم أخذ القود من قتلة عثمان - رضي الله عنه - على البيعة، ورأى نفسه أحق بطلب دم عثمان والكلام فيه عن ولد عثمان وولد الحكم بن أبي العاص لسنه ولقوته على الطلب بذلك، كما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الرحمن بن سهل أخا عبد الله بن سهل المقتول بخيبر بالسكوت وهو أخو المقتول وقال له: كبِّر كبِّر (٣)،

وروى: الكِبَر الكِبَر، فسكت عبد الرحمن وتكلم محيصة وحويصة ابنا مسعود وهما ابنا عم المقتول، لأنهما كانا أسن من أخيه، فلم يطلب معاوية من ذلك إلا ما كان له من الحق أن يطلبه، وأصاب في ذلك الأثر الذي ذكرنا وإنما أخطأ في تقديمه ذلك على البيعة فقط، فله أجر الاجتهاد في ذلك ولا إثم عليه فيما حُرِم من الإصابة كسائر المخطئين في اجتهادهم الذين أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لهم أجرًا واحدًا وللمصيب أجرين» اهـ.

أما عن طلحة والزبير وعائشة - رضي الله عنهم -، فهم أيضًا لم ينازعوا عليًا الخلافة أو يطعنوا في إمامته، وإنما خرجوا مطالبين بدم عثمان يريدون الإسراع في تنفيذ حد القصاص على قتلته، ولقد روى الإمام الطبري بسند صحيح عن الأحنف بن قيس قال (٤): «خرجنا حجاجًا فقدمنا المدينة، فبينا نحن في منازلنا نضع رحالنا إذ أتانا آت فقال: إن الناس قد فزعوا واجتمعوا في المسجد، فانطلقنا إلى المسجد، - فذكر الحديث في مناشدة عثمان الصحابة، وإقرارهم بمناقبه -، قال الأحنف بن قيس: فلقيت طلحة والزبير فقلت: لا أرى هذا الرجل إلا مقتولًا، فمن تأمراني أن أبايع؟ فقالا: عليًا، فقلت: أتأمراني بذلك وترضيانه لي؟ فقالا: نعم. فخرجت حتى قدمت مكة، فأنا كذلك إذ قيل: قُتِلَ عثمان بن عفان، وبها عائشة أم المؤمنين فأتيتها فقلت لها: أنشدك الله، من تأمريني أن أبايع؟ فقالت عليًا، فقلت: أتأمريني بذلك وترضينه لي؟ قالت نعم. فخرجت، فقدمت على


(١) أبو حنيفة الدينوري: الأخبار الطوال، ص (١٦٢).
(٢) ابن حزم: الفِصَل (٤/ ١٢٤).
(٣) أي اترك الأمر لمن هو أكبر منك سنًا ..
(٤) تاريخ الطبري (٤/ ٤٩٧ - ٨).

<<  <   >  >>