للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علي - رضي الله عنه - يتوجع على قتلى الفريقين ويقول: «وددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة» (١).

وعن مجاهد بن جبر (ت. ١٠٤هـ) أن محمد بن أبي بكر أو محمد بن طلحة قال لعائشة يوم الجمل: «يا أم المؤمنين، ما تأمريني؟ قالت: يا بني! إن استطعت أن تكون كالخير من ابني آدم فافعل» (٢).

ولما انتهت المعركة أخذ علي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما وأرسلها معززة مكرمة إلى المدينة كما قد أمره النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقد روى أحمد بسنده عن أبي رافع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي بن أبي طالب: «إنه سيكون بينك وبين عائشة أمر. قال: أنا يا رسول الله؟ قال: نعم، قال: فأنا أشقاهم يا رسول الله، قال: لا، ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها» (٣).

وكانت عائشة رضي الله عنها إذا قرأت {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} (٤) بكت حتى يبتل خمارها (٥)، وفي رواية ابن أبي شيبة (١٥٩ - ٢٣٥هـ) أنها كانت تقول: «وددت أني كنت غصنًا رطبًا ولم أسر مسيري هذا» (٦).

وروى أيضًا ابن أبي شيبة عن أبي جعفر قال: «جلس علي وأصحابه يبكون طلحة والزبير» (٧) اهـ.

فمن خلال هذا العرض السريع للأحداث يتبين بما لا يدع مجالًا للشك أثر ابن سبأ وأعوانه في موقعة الجمل، حيث لم يقتصر دورهم عند إثارة الفتنة الأولى التي كانت سببًا في مقتل عثمان - رضي الله عنه -، وإنما لعبوا دورًا خطيرًا في الفتنة الثانية التي اندلعت بسبب مقتل


(١) رواه أبو بكر ابن أبي شيبة في مصنفه (٨/ ٧٢٠)، كتاب الجمل، باب مسيرة عائشة وعلي وطلحة والزبير، رقم: ٧٦ وسنده جيد.
(٢) السابق (٨/ ٧١٩) رقم: ٦٧
(٣) المسند (٦/ ٣٩٣).
(٤) الأحزاب: ٣٣
(٥) الذهبي: سير أعلام النبلاء (٢/ ١٧٧).
(٦) ابن أبي شيبة: المصنف (٨/ ٧١٨)، كتاب الجمل، باب مسيرة عائشة وعلي وطلحة والزبير، رقم: ٦٢
(٧) السابق (٨/ ٧٠٩) رقم: ١٨

<<  <   >  >>