للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علي إلى عسكره وطلحة والزبير إلى عسكرهما، وأرسل طلحة والزبير إلى رؤساء أصحابهما وأرسل علي إلى رؤساء أصحابه ما خلا أولئك الذين حاصروا عثمان، فباتوا على الصلح وباتوا بليلة لم يبيتوا بمثلها للعافية، وبات الذين أثاروا أمر عثمان بشر ليلة باتوها قط، قد أشرفوا على الهلكة، وجعلوا يتشاورون ليلتهم كلها حتى اجتمعوا على إنشاب الحرب في السر واستسروا بذلك خشية أن يفطن بما حاولوا من الشر».

وفي رواية (١): «تكلم ابن السوداء فقال: يا قوم إن عزَّكم في خلطة الناس فصانعوهم وإذا التقى الناس غدًا فأنشبوا القتال ولا تفرغوهم للنظر، فإذا من أنتم معه لا يجد بدًا من أن يمتنع ويشغل الله عليًا وطلحة والزبير ومن رأى رأيهم عما تكرهون، فأبصروا الرأي وتفرقوا عليه والناس لا يشعرون»، «فغدوا مع الغلس وما يشعر بهم جيرانهم، انسلوا إلى ذلك الأمر انسلالًا وعليهم ظلمة، فخرج مضريهم إلى مضريهم وربعيهم إلى ربعيهم ويمانيهم إلى يمانيهم فوضعوا فيهم السلاح فثار أهل البصرة وثار كل قوم في وجوه أصحابهم الذين بهتوهم» (٢).

ويقول ابن حزم (٣): «فلما كان الليل عرف قتلة عثمان أن الإراغة والتدبير عليهم، فبيَّتوا عسكر طلحة والزبير وبذلوا السيف فيهم، فدفع القوم عن أنفسهم في دعوى حتى خالطوا عسكر علي، فدفع أهله عن أنفسهم، وكل طائفة تظن - ولا شك - أن الأخرى بدأتها القتال».

يقول الدكتور أمحزون (٤): «وجدير بالإشارة أن أثر السبئية في الجمل وإشعال نار الفتنة مما يكاد يجمع عليه المؤرخون والعلماء سواءً أطلقوا عليهم اسم الغوغاء أو المفسدين أو الأوباش أو أصحاب الأهواء أو أسماهم البعض قتلة عثمان أو أطلقوا عليهم صراحة السبئية» اهـ.

وفي أثناء تلك المعركة المؤسفة التي لم تكن برضا الطرفين من الصحابة، كان


(١) السابق (٤/ ٤٩٤).
(٢) السابق (٤/ ٥٠٦).
(٣) ابن حزم: الفِصَل (٤/ ١٢٣).
(٤) د. محمد أمحزون: تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة، ص (٤٤٤).

<<  <   >  >>