أن أشعل ابن السوداء لعنه الله نار الفتنة، تبعه مدعو الإسلام من المجوس واليهود وتظاهروا بنصرة علي - رضي الله عنه -، واستمالوا أهل التشيع بإظهار محبة أهل البيت واستبشاع ظلم أمير المؤمنين، ثم سلكوا بهم مسالك شتى حتى أخرجوهم عن طريق الهدى ..
يقول شاه عبد العزيز الدهلوي رحمه الله (ت. ١٢٣٩هـ)(١): «أرسل ابن سبأ بعض أتباعه إلى العراق وأذربيچان، وراج مذهبه واشتهر وذاع وانتشر، فقد بدأ أولًا بتفضيل الأمير، وثانيًا بتكفير الصحابة، وثالثًا بألوهية الأمير، ودعا الناس على حسب استعدادهم، وربط رقاب كل من اتبعه بحبل من حبال الغواية، فهو قدوة لجميع فرق الرافضة، وإن كان أكثر أتباعه وأشياعه من تلك الفرق يذكرونه بالسوء لكونه قائلًا بألوهية الأمير ويعتقدون أنه مقتدى الغلاة فقط، ولذا ترى أخلاق اليهود وطبائعهم موجودة في جميع فرق الشيعة، وإذا تفكرت في سورة البقرة وحفظت ما ذكر الله تعالى فيها من صفات اليهود الذميمة، ترى جميعها مطابقة لصفات هذه الفرقة مطابقة النعل بالنعل».
ويخُصُّ رحمه الله جماعة من أتباع ابن سبأ بالذكر فيقول: «جماعة ممن ضعف إيمانهم من أهل النفاق، وهم قتلة عثمان الذين انخرطوا في عسكر الأمير وعدوا أنفسهم من شيعته خوفًا من عاقبة ما صدر منهم من تلك الجناية العظمى، وهذه الفرقة هم رؤساء الروافض وأسلافهم ومسلمو الثبوت عندهم، فإنهم وضعوا بناء دينهم وإيمانهم في تلك الطبقة على رواية هؤلاء الفساق المنافقين ومنقولاتهم، فلذا كثرت روايات هذه الفرقة عن الأمير بواسطة هؤلاء الرجال. وقد ذكر المؤرخون سبب دخول أولئك المنافقين في هذا الباب، وقالوا إنهم - أي المنافقين - قبل وقوع التحكيم كانوا مغلوبين لكثرة (الشيعة الأولى) في عسكر الأمير وتغلبهم، ولما وقع التحكيم رجع الشيعة الأولى من دومة الجندل - التي كانت محل التحكيم - إلى أوطانهم وشرعوا في ترويج أحكام الشريعة والإرشاد ورواية الأحاديث وتفسير القرآن المجيد، كما أن الأمير - رضي الله عنه - دخل الكوفة واشتغل بمثل هذه الأمور، ولم يبق في ركاب الأمير إذ ذاك من الشيعة الأولى إلا القليل ممن كانت له دار في الكوفة، فلما رأت هاتيك الفرقة الضالة المجال في إظهار ضلالتهم أظهروا ما كانوا