للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يخفونه من إساءة الأدب في حق الأمير وسب أصحابه وأتباعه الأحياء منهم والأموات، ومع هذا كان لهم طمع في المناصب أيضًا لأن العراق وخراسان وفارس والبلاد الأخرى الواقعة في تلك الأطراف كانت باقية بعد في تصرف الأمير وحكومته، والأمير - رضي الله عنه - عاملهم كما عاملوه، كما وقع ذلك لموسى - عليه السلام - مع اليهود ولنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - مع المنافقين» اهـ.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (١): «ولما أحدثت البدع الشيعية في خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ردها، وكانت ثلاثة طوائف: غالية وسبابة ومفضلة:

فأما الغالية: فإنه حرقهم بالنار، فإنه خرج ذات يوم من باب كندة فسجد له أقوام فقال: ما هذا؟ فقالوا: أنت هو الله، فاستتابهم ثلاثًا فلم يرجعوا، فأمر في الثالث بأخاديد فخدت وأضرم فيها النار ثم قذفهم فيها وقال:

لما رأيت الأمر أمرًا منكرا ... أججت ناري ودعوت قنبرا (٢)

وأما السبابة: فإنه لما بلغه من سب أبا بكر وعمر طلب قتله، فهرب منه إلى قرقيسيا وكلمه فيه، وكان علي يداري أمراءه لأنه لم يكن متمكنًا ولم يكونوا يطيعونه في كل ما يأمرهم به.

وأما المفضلة: فقال: لا أوتى بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفترين، وروي عنه من أكثر من ثمانين وجهًا أنه قال: "خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر". وفي صحيح البخاري عن محمد بن الحنيفة أنه قال لأبيه: "يا أبت، من خير الناس بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال أبو بكر، قال ثم من؟ قال عمر" (٣).


(١) ابن تيمية: مجموع الفتاوى (٣٥/ ١٨٤ - ٦).
(٢) قال ابن حزم: «يريد قنبرًا مولاه وهو الذي تولى طرحهم في النار نعوذ بالله من أن نفتتن بمخلوق أو يفتتن بنا مخلوق فيما جل أو دق فإن محنة أبي الحسن - رضي الله عنه - من بين أصحابه - رضي الله عنهم - كمحنة عيسى - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه من الرسل عليهم السلام» اهـ[ابن حزم: الفِصَل (٤/ ١٤٢)]، وفي صحيح البخاري أنه لما بلغ ذلك ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لو كنت أنا لم أحرقهم، لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تعذبوا بعذاب الله، ولقتلتهم لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من بدل دينه فاقتلوه» [البخاري، كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم: ٦٩٢٢].
(٣) البخاري، كتاب فضائل الصحابة: ٣٦٧١

<<  <   >  >>