للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن النديم الرافضي [ت. ٣٨٥هـ] إن هشام بن الحكم «ممن فتق الكلام في الإمامة ... وله من الكتب كتاب الإمامة» (١).

بل ويرى القاضي عبد الجبار المعتزلي أن الذي ادعى النص، وجرأ الناس على شتم أبي بكر وعمر وعثمان والمهاجرين والأنصار هشام بن الحكم، وهو ابتدأه ووضعه، وما ادعى هذا النص أحد قبله (٢)، ويقول (٣): «ولوكان هشام من أهل القبلة، لما كان دعواه ودعوى مائة ألف معه مثله حجة، فكيف به وليس من أهل القبلة، وهو معروف بعداوة الأنبياء» اهـ.

ويقول الملطي (ت. ٣٧٧هـ) (٤): «لأن هشامًا كان ملحدًا دهريًا ثم انتقل إلى الثنوية والمانية ثم غلبه الإسلام فدخل في الإسلام كارهًا فكان قوله في الإسلام بالتشبيه والرفض ... وأما قوله بالإمامة فلم نعلم أن أحدًا نسب إلى علي - رضي الله عنه - وولده عيبًا مثل هشام لعنه الله، والله نحمده قد نزع عن علي وولده عليهم السلام العيوب والأرجاس وطهرهم تطهيرًا. وما قصد هشام بقوله في الإمامة قصد التشيع ولا محبة أهل البيت، ولكن طلب بذلك هدَّ أركان الإسلام والتوحيد والنبوة، فأراد هدمه، وانتحل في التوحيد التشبيه، فهدم ركن التوحيد، وساوى بين الخالق والمخلوق، ثم انتحل محبة أهل البيت ونشر عنهم وطعن على الكتاب والسنة وكفَّر الأمة التي هي حجة الله على خلقه بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكفرهم ونسب إليهم الردة والنفاق، فعمل على هدم الإسلام العمل الذي لم يقدم عليه أحد من أعداء الإسلام، فالله يحكم فيه يوم القيامة بسوء كيده. فزعم هشام لعنه الله أن النبي عليه الصلاة والسلام نص على إمامة علي في حياته بقوله: "من كنت مولاه فعلي مولاه" ...» (٥).


(١) محمد بن إسحاق النديم الورَّاق: الفهرست، ص (٢٢٣ - ٤).
(٢) انظر، عبد الجبار الهمذاني: تثبيت دلائل النبوة (١/ ٢٢٣).
(٣) السابق (١/ ٢٢٥).
(٤) محمد بن أحمد الملطي: التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع، ص (٢١) باختصار.
(٥) وهشام بن الحكم كان يقول بأن الله - سبحانه وتعالى - في صورة رجل في سن أبناء الثلاثين سنة! كما يروي الكليني والمجلسي عن إبراهيم بن محمد الخزاز ومحمد بن الحسين قالا: «دخلنا على أبي الحسن الرضا - عليه السلام -، فحكينا له ما روي أن محمدًا رأى ربه في هيئة الشاب الموفق في سن أبناء الثلاثين سنة، رجلاه في خضرة، وقلنا: إن هشام بن سالم وصاحب الطاق والميثمي يقولون: إنه أجوف إلى السرة والباقي صمد» [الكليني: الأصول من الكافي (١/ ١٠١)، والمجلسي: بحار الأنوار (٤/ ٤٠)] .. وقال ابن حزم: «وقد قال هشام هذا في حين مناظرته لأبي الهذيل العلاف أن ربه سبعة أشبار بشبر نفسه» [ابن حزم: الفِصَل (٤/ ١٣٩)]. وعلى الرغم من هذه البلايا التي تنقلها عنه أوثق كتب الشيعة، فإن هشام هذا حديثه في قائمة الصدارة في الصحاح الثمانية عند الشيعة وغيرها، ويقول عنه سيدهم محسن الأمين (١٢٨٤ - ١٣٧١هـ) ما نصه: «إن زرارة بن أعين والهشامين ويونس بن عبد الرحمن ومحمد بن النعمان الملقب بمؤمن الطاق كلهم ثقات، صحيحوا العقيدة، متكلمون حذاق، من أجلاء تلاميذ وأصحاب الإمامين جعفر بن محمد الصادق وابنه موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام» [محسن الأمين: أعيان الشيعة (١/ ٢٢)]، وكذلك يقول عنه سيدهم عبد الحسين شرف الدين ما نصه: «لم يعثر أحد من سلفنا على شيء مما نسبه الخصم إليه» [عبد الحسين شرف الدين: المراجعات، ص (٣٩١)، المراجعة رقم: ١١٠]، ولا عجب، فمثل هشام بن الحكم وشيطان الطاق وغيرهم - عند الرافضة - كمثل أبي بصير ليث بن البختري المرادي - الراوي المشهور - (ت. ١٥٠هـ) الذي قال ابن الغضائري الشيعي [ت. القرن الخامس الهجري] في ترجمته: «وعندي أن الطعن وقع على دينه لا على حديثه، وهو عندي ثقة» [انظر: رجال الحلي، ص (١٣٧)]، أي: أن الطعن في دينه لا يوجب الطعن فيما يرويه!!

<<  <   >  >>