للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه من فضائح وهتك المهاجرين والأنصار، وقد أجابه زيد إلى ذلك، ثم قال: فإن أنا فرغت من القرآن على ما سألتم وأظهر عليّ القرآن الذي ألَّفه، أليس قد أبطل كل ما عملتم؟ فقال عمر: ما الحيلة؟ قال زيد: أنتم أعلم بالحيلة، فقال عمر: حيلته دون أن نقتله ونستريح منه، فدبَّر في قتله على يد خالد بن الوليد فلم يقدر على ذلك ...

فلما استخلف عمر سأل عليًا أن يدفع إليهم القرآن فيحرفوه فيما بينهم، فقال عمر: يا أبا الحسن، إن جئت بالقرآن الذي كنت جئت به إلى أبي بكر حتى نجتمع عليه، فقال: هيهات، ليس إلى ذلك سبيل، إنما جئت به إلى أبي بكر لتقوم الحجة عليكم، ولا تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا ما جئتنا، إن القرآن الذي عندي لا يمسه إلا المطهرون والأوصياء من ولدي، فقال عمر: فهل وقت لإظهاره معلوم؟ فقال: نعم، إذا قام القائم من ولدي يظهره ويحمل الناس عليه، فتجري السنة به، صلوات الله عليه» اهـ (١).

يقول القفاري (٢): «هذا الزخم من المصنفات وغيرها لا يشك مسلم أنه كيد زنديق حاقد على كتاب الله ودينه وأتباعه، وقد دفع هذه الفئة إليه خلو كتاب الله مما يثبت شذوذهم وما ذهبوا إليه من عقائد ليس لها أصل في كتاب الله، وليس في مقدورهم أن يفعلوا شيئًا لتغيير بعض آيات الله، كما فعلوا في السنة المطهرة حينما دسوا بعض الروايات والتي كشفها صيارفة هذا العلم وأربابه فلما لم يستطيعوا أن يحدثوا في كتاب الله أمرًا لأنه فوق منالهم حينئذ ادعوا أن في كتاب الله نقصًا وتغييرًا - وما أسهل الدعوى على حاقد موتور - وهي محاولة فيما يبدو لإقناع أتباعهم الذين ضجوا من خلو كتاب الله من ذكر أئمتهم وعقائدهم والتي لها تلك المكانة التي يسمعونها من رؤسائهم، فادعوا هذه الدعوى ونشط شيوخهم في القرن الثالث والرابع في الحديث عنها، ولكنهم فيما يبدوا لم يحسبوا لهذه الدعوى حسابها، فارتدت عليهم بأسوأ العواقب، فقد فضحتهم


(١) أحمد بن علي الطبرسي: الاحتجاج (١/ ٢٢٥ - ٨)، باب احتجاج علي - عليه السلام - على جماعة كثيرة من المهاجرين والأنصار.
(٢) د. ناصر القفاري: أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية (١/ ٢٣١).

<<  <   >  >>