للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الروايات السوداء والتي وجدت طريقها إلى كتب القوم، وتسللت إلى مراجعهم الحديثية لتكسو من يركن إليها ثوبًا من الخزي والعار، وتسلب من يده آخر علاقة له بالإسلام .. هل تلك الروايات مجرد روايات شاذة مندسة في كتب القوم لم تحظى برضا عقلائهم، ولا قبول محققيهم، وأنها قد تسربت إلى كتب هؤلاء، لأن الكذابين على الأئمة - كما تقول كتب الشيعة - قد كثروا في صفوف الشيعة، وكان التشيع مطية لكل من أراد الكيد للإسلام وأهله، كما أثبتته الأحداث والوقائع»؟

ثم يقول (١): «والحقيقة التي لا يماري فيها مسلم، ولا يشك فيها من سبر التطور العقدي عند هؤلاء القوم أن أوائل الشيعة ما كانت على هذا الكفر (٢)، ما كان خلاف الشيعة في أول الأمر إلا مسألة الإمامة، ومن أحق بالإمامة ثم ما لبثت أن انجرت من بدعة إلى أخرى حتى رأينا شيوخهم في القرن الثالث يتسابقون للوقوع في هذا الكفر فأورثهم ذلك ذلًا وعارًا ومقتًا من المسلمين».

ولهذا أعلن في القرن الرابع كبير شيوخهم ابن بابويه القمي صاحب (من لا يحضره الفقيه) أحد صحاحهم الأربعة في الحديث والملقب عندهم بـ (الصدوق) والموصوف بأنه (رئيس المحدثين)، أعلن براءة الشيعة من هذه العقيدة (٣)، وكذلك الشريف المرتضى (ت. ٤٣٦هـ) كان ينكر هذه المقالة، وقد نقل إنكاره شيوخ الشيعة كالطوسي (٤) والطبرسي [ت. ٥٤٨هـ] (٥)، وكذلك استنكر هذه المقالة وصلة الشيعة بها الطوسي


(١) السابق (١/ ٢٧٦).
(٢) ولقد جاءت عنهم روايات في فضائل القرآن كقولهم عن أبي جعفر - عليه السلام -: «من قرأ القرآن قائمًا في صلاته كتب الله له بكل حرف مائة حسنة، ومن قرأه في صلاته جالسًا كتب الله له بكل حرف خمسين حسنة ومن قرأه في غير صلاته كتب الله له بكل حرف عشر حسنات» [الكليني: الأصول من الكافي (٢/ ٦١١)]، وكقوله - عليه السلام -: «الحافظ للقرآن العامل به مع السفرة الكرام البررة» [نفسه (٢/ ٦٠٣)]، وغير ذلك.
(٣) قال: «اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس، ليس بأكثر من ذلك، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة ... ومن نسب إلينا أننا نقول إنه أكثر من ذلك فهو كاذب» اهـ. [ابن بابويه القمي: الاعتقادات، ص (٨٤)، باب الاعتقاد في مبلغ القرآن].
(٤) قال أبو جعفر الطوسي: «اعلم أن القرآن معجزة عظيمة على صدق النبي - عليه السلام -، بل هو من أكبر المعجزات وأشهرها ... وأما الكلام في زيادته ونقصانه فمما لا يليق به أيضًا، لأن الزيادة فيه مجمع على بطلانها والنقصان منه، فالظاهر أن مذهب المسلمين خلافه، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا وهو الذي نصره المرتضى» اهـ. [تفسير الطوسي (١/ ٣) باختصار].
(٥) قال الفضل بن الحسن الطبرسي: «فأما الزيادة فيه [أي القرآن]: فمجمع على بطلانه. وأما النقصان منه: فقد روى جماعة من أصحابنا، وقوم من حشوية العامة، أن في القرآن تغييرًا أو نقصانًا، والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه، وهو الذي نصره المرتضى، علم الهدى، ذو المجدين أبو القاسم علي بن الحسين الموسوي، قدس الله روحه» اهـ. [تفسير الطبرسي (مجمع البيان في تفسير القرآن) (١/ ٤٢ - ٣)].

<<  <   >  >>