للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلماء به، فما هو عند العلماء به ليس بمحرف، وإنما المحرف ما أظهروه لأتباعهم» اهـ.

ولقد شهد شيخهم المفيد - الملقب بركن الإسلام وآية الله الملك العلام - باستفاضة هذه الروايات القائلة بوقوع التحريف فقال (١): «أقول إن الأخبار جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان».

بل ولقد تواتر الخبر عندهم حتى قال شيخهم المجلسي (٢): «كثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره، وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة معنى، وطرح جميعها يوجب رفع الاعتماد عن الأخبار رأسًا، بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لا يقصر عن أخبار الإمامة فكيف يثبتونها بالخبر».

ويأتي من بعده تلميذه أبو الحسن الشريف الفتوني العاملي (١٠٧٠ - ١١٣٨هـ) فيقضي بأن القول بالتحريف من ضروريات مذهب التشيع، فيقول (٣): «وعندي في وضوح صحة هذا القول [أي تحريف القرآن] بعد تتبع الأخبار وتفحص الآثار بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيع وأنه من أكبر مقاصد غصب الخلافة» اهـ.

وقال الخوئي - وهو أحد معاصريهم - (ت. ١٤١٣هـ) (٤): «النقص أو الزيادة بكلمة أو كلمتين، مع التحفظ على نفس القرآن المنزل، قد وقع في صدر الإسلام وفي زمان الصحابة قطعًا، ويدلنا على ذلك إجماع المسلمين على أن عثمان أحرق جملة المصاحف وأمر ولاته بحرق كل مصحف خلاف ما جمعه» (٥).


(١) المفيد: أوائل المقالات، ص (٨٠)، باب القول في تأليف القرآن وما ذكر قوم من الزيادة فيه والنقصان.
(٢) المجلسي: مرآة العقول (١٢/ ٥٢٥).
(٣) أبو الحسن الشريف الفتوني: مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار، ص (٣٤)، المقدمة الثانية، الفصل الرابع.
(٤) أبو القاسم الخوئي: البيان في تفسير القرآن، ص (١٩٨) باختصار، قوله في صيانة القرآن من التحريف.
(٥) ولعل مثل هذا الفحش من القول هو الذي فتح الباب للأنبا بيشوي المصري وأتاح له فرصة التبجح وإثارة الشكوك بقوله الذي لم يُعتذَر عنه: «هل قيلت عبارة {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ} أثناء بعثة نبي الإسلام، أم أضيفت أثناء تجميع عثمان بن عفان للقرآن الشفوي، وجعله تحريريًا لمجرد وضع شيء ضد المسيحية؟»، وكأنه قد آمن من قبل بما نُزِّل على محمد - صلى الله عليه وسلم -!! [انظر نص كلامه في جريدة (المصري اليوم)، عدد الخميس ٢٣/ ٩/٢٠١٠م، ص (٦)، خبر تحت عنوان: الأنبا بيشوي يدعو لمراجعة آيات قرآنية تتهم المسيحيين بالكفر].

<<  <   >  >>