للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سوء الظن والشبهات بين أتباع المذاهب الإسلامية».

فعندما تصدر مثل هذه التصريحات ممن يتولى زمام الأمور في دعوة التقريب، يجعلنا نشك في نوايا هذا المجمع الإيراني المنشأ، المقام بمباركة علي خامنئي المرشد الأعلى لإيران وقائد ثورتها (الإسلامية)، ويجعلنا نسأل عن معنى (الأصل والفرع) في اصطلاحهم، بل ويجعلنا أيضًا نعيد قراءة أهداف المجمع حينما يذكر أن «انتصار الثورة الإسلامية في إيران وإيجاد حكومة إسلامية من جانب مؤسس الثورة سماحة الإمام الخميني [١٩٠٢ - ١٩٨٩م] قد مهَّدا المجال لزيادة توسيع هذا الجهد بين المسلمين» (١)؛ فما هو الجهد المراد التوسع فيه؟ خاصة إذا علمنا أن سبب هذا الخلاف الحاصل بين المسلمين يرجع - حسبما يرى خميني - إلى (تقصير) نبي الله - صلى الله عليه وسلم - في تبليغ رسالته! فيقول (٢): «واضح أن النبي لو كان قد بلَّغ بأمر الإمامة طبقًا لما أمر الله به وبذل المساعي في هذا المجال لما نشبت في البلدان الإسلامية كل هذه الاختلافات والمشاحنات والمعارك، ولما ظهرت خلافات في أصول الدين وفروعه» اهـ.

والخلاف هنا أصلي بدلالة قوله، بل يقع في أصل الأصول والمعلوم من الدين بالضرورة؛ فكما يروي إمامهم محمد بن يعقوب الكليني (ت. ٣٢٨/ ٣٢٩هـ) بسنده عن زرارة عن أبي جعفر قال: «بني الإسلام على خمسة أشياء، على الصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، والولاية»، قال زرارة: قلت: وأي شيء من ذلك أفضل؟ فقال: الولاية أفضل، لأنها مفتاحهن، والوالي هو الدليل عليهن» (٣).

فهل يتفق هذا مع ما صرح به تسخيري بأن الإيمان بالوصية (الإمامة) هو «اختلاف اجتهادي» (٤)، أي إنه خلاف سائغ غير مذموم (٥) كما يظهر من كلامه، وأن «المساحة


(١) انظر السابق: التعريف بالمجمع.
(٢) الخميني: كشف الأسرار، ص (١٥٥). وسيأتي الحديث عنه ببعض التفصيل في مبحث الإمامة في الباب الثاني.
(٣) الكليني: الأصول من الكافي (٢/ ١٨).
(٤) انظر حواره مع صحيفة (ليبيا اليوم)، بتاريخ ٤/ ١١/٢٠٠٨م. www.libya-alyoum.com
(٥) وهو ما لا يخالف نصًا من كتاب أو سنة صحيحة أو إجماعًا قديمًا، أو قياسًا جليًا. وعكسه الخلاف غير السائغ المذموم: وهو ما خالف نصًا من كتاب أو سنة صحيحة أو إجماعًا قديمًا، أو قياسًا جليًا.

<<  <   >  >>