للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصحاب محمد صلى الله عليه وآله فما أرى أحدًا يشبههم منكم، لقد كانوا يصبحون شُعثًا غُبرًا، وقد باتوا سُجَّدًا وقيامًا، يراوِحُون بين جباهِهِم وخدودِهِم، ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادِهِم، كأن بين أعيُنِهِم رُكَبَ المِعْزَى من طول سجودهم، إذا ذُكر الله همَلت أعينُهم حتى تَبُل جُيُوبَهُم، ومادوا كما يميد الشجرُ يوم الريح العاصف خوفًا من العقاب ورجاءً للثواب» (١).

ويَخُص المهاجرين بقوله: «فاز أهل السبق بسبقهم، وذهب المهاجرون الأولون بفضلهم» (٢)، ويَخُص الأنصار بقوله: «هم والله رَبَّوُا الإسلام كما يُرَبَّي الفِلْوُ من غَنَائِهِم، بأيديهمُ السِّبَاط، وألسِنَتِهمُ السِّلَاط» (٣).

بل ينقل شيخهم المرتضى ثناء علي - رضي الله عنه - على الخلفاء الراشدين، فيما رواه عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رجلًا جاء إلى أمير المؤمنين - عليه السلام - فقال: «سمعتك تقول في الخطبة آنفًا: اللهم أصلحنا بما أصلحت به الخلفاء الراشدين، فمن هم؟ قال: حبيباي وعماي أبو بكر وعمر إماما الهدى وشيخا الإسلام ورجلا قريش، والمقتدى بهما بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، من اقتدى بهما عصم، ومن اتبع آثارهما هدي إلى صراط مستقيم» (٤).

ويروي ابن بابويه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله: «إن أبا بكر مني بمنزلة السمع، وإن عمر مني بمنزلة البصر، وإن عثمان مني بمنزلة الفؤاد» (٥).

ولقد توطدت العلاقة بين علي وأبي بكر رضي الله عنهما إلى حد أن زوجة أبي بكر أسماء بنت عميس هي التي كانت تمرِّض فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرض موتها، وكانت معها حتى الأنفاس الأخيرة؛ فيروي الطوسي عن الحسين - عليه السلام - قال: «لما مرضت فاطمة بنت محمد رسول الله صلى الله عليه وآله، وصت إلى علي بن أبي طالب - عليه السلام - أن يكتم أمرها،


(١) نهج البلاغة، ص (١٤٣).
(٢) السابق، ص (٣٧٥).
(٣) السابق، ص (٥٥٧).
(٤) الشريف المرتضى: الشافي في الإمامة (٣/ ٩٣ - ٤).
(٥) ابن بابويه القمي: عيون أخبار الرضا (١/ ٣١٣).

<<  <   >  >>