للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان من حب علي لعمر وعثمان - رضي الله عنهم - أنه سمى اثنين من أبنائه باسمهما، فيقول المفيد (١): «فأولاد أمير المؤمنين صلوات الله عليه سبعة وعشرون ولدًا ذكرًا وأنثى: (١) الحسن (٢) الحسين ... (٦) عمر، وأمه أم حبيب بنت ربيعة ... (١٠) عثمان، وأمه أم البنين بنت حزام بن خالد بن دارم».

وأكثر من هذا أن عليًا - رضي الله عنه - كان يؤمن بأن عمر من أهل الجنة لما سمعه من لسان الرسول - صلى الله عليه وسلم - الصادق الأمين، ولأجل ذلك كان يتمنى بأن يلقى الله بالأعمال التي عملها الفاروق عمر - رضي الله عنه - في حياته، كما روى ذلك الشريف المرتضى عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال: «لما غسِّل عمر وكفِّن دخل علي - عليه السلام - فقال: ما على الأرض أحد أحب إليّ أن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجى (٢) بين أظهركم» (٣).

وأورد ابن أبي الحديد أن الفاروق لما طعنه أبو لؤلؤة المجوسي الفارسي دخل عليه ابنا عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن عباس وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، فقال ابن عباس: «فسمعنا صوت أم كلثوم [بنت علي]: وا عمراه، وكان معها نسوة يبكين فارتج البيت بكاء، فقال عمر: ويل أم عمر إن الله لم يغفر له! فقلت: والله إني لأرجو ألا تراها إلا مقدار ما قال الله تعالى {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} (٤)، إن كنت - ما علمنا - لأمير المؤمنين وسيد المسلمين تقضي بالكتاب وتقسم بالسوية. فأعجبه قولي فاستوى جالسًا فقال أتشهد لي بهذا يا بن عباس؟ فكععت - أي جبنت - فضرب علي - عليه السلام - بين كتفي وقال: أشهد» (٥)، ثم يقول ابن أبي الحديد (٦): «وفي رواية: لِمَ تجزع يا أمير المؤمنين؟ فوالله لقد كان إسلامك عزًا وإمارتك فتحًا ولقد ملأت الأرض عدلًا، فقال [أي عمر]: أتشهد لي بذلك يا بن عباس؟ قال: فكأنه كره الشهادة فتوقف، فقال له علي - عليه السلام -: قُل نعم، وأنا معك، فقال: نعم».


(١) المفيد: الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد (١/ ٣٥٤)، باب ذكر أولاد أمير المؤمنين - عليه السلام -، باختصار.
(٢) أي المُغَطَّى.
(٣) الشريف المرتضى: الشافي في الإمامة (٣/ ٩٥).
(٤) مريم: ٧١
(٥) ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة (١٢/ ١٩٢).
(٦) نفسه.

<<  <   >  >>