للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- ويقول الدكتور ناصر القفاري (١): «إن الرافضة المتأخرين والمعاصرين جمعوا أخس المذاهب وأخطرها .. جمعوا مقالة القدرية في نفي القدر، والجهمية في نفي الصفات، وقولهم إن القرآن مخلوق، والصوفية - عند جملة من رؤساء مذهبهم - في ضلالة الوحدة والاتحاد، والسبئية في تأليه علي، والخوارج والوعيدية في تكفير المسلمين، والمرجئة في قولهم إن حب علي حسنة لا يضر معها سيئة .. بل ساروا في سبيل أهل الشرك في تعظيم القبور، والطواف حولها، بل ويصلون إليها مستدبرين القبلة، إلى غير ذلك مما هو عين مذهب المشركين .. فهل يبقى بعد ذلك شك في أن هذه الطائفة ارتضت لنفسها مذهبًا غير مذهب المسلمين .. فهم وإن شهدوا الشهادتين إلا أنهم نقضوها بنواقض كثيرة كما ترى» اهـ.

ولكن انتبه!

فإن «إن التكفير له شروط وموانع قد تنتفي في حق المُعَيَّن، وإن تكفير المُطلَق لا يستلزم تكفير المعين، إلا إذا وُجِدَت الشروط وانتفت الموانع»، وعلى هذا فإنه لا يجوز تكفير المعين ولا تبديعه إلا بعد تحقق الشروط وانتفاء الموانع وقيام الحجة وإزالة الشبهة، وهذا باتفاق أهل السنة والجماعة، ولا يقوم به إلا أهل العلم الثقات، وذلك لأن بعض الناس قد يعذر بالجهل، وضابط العذر بالجهل هو: (إحكام الجهل)، وذلك على الصحيح من قولي العلماء» (٢).

ولعل من أشهر الأدلة وأوضحها في هذا الباب ما رواه الإمام البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «كان رجل يسرف على نفسه، فلما حضره الموت قال لبنيه: إذا أنا مت فأحرقوني، ثم اطحنوني، ثم ذروني في الريح، فوالله لئن قدر عليَّ ربي ليعذبني عذابًا ما عذبه أحدًا، فلما مات فعل به ذلك، فأمر الله الأرض فقال: اجمعي ما فيك منه، ففعلت، فإذا هو قائم، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: يا رب خشيتك، فغفر له» (٣).


(١) د. ناصر القفاري: أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية (٣/ ١٢٧٣).
(٢) ابن تيمية: مجموع الفتاوى (١٢/ ٤٨٧ - ٨).
(٣) البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء: ٣٤٨١

<<  <   >  >>