للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول شيخ الإسلام رحمه الله تعليقًا على الحديث (١): «فهذا الرجل ظن أن الله لا يقدر عليه إذا تفرق هذا التفرُّق، وظن أنه لا يعيده إذا صار كذلك، وكل واحد من إنكار قدرة الله تعالى، وإنكار معاد الأبدان وإن تفرقت كفر، لكنه كان مع إيمانه بالله، وإيمانه بأمره، وخشيته منه، جاهلًا بذلك، ضالًا في هذا الظن مخطئًا، فغفر الله له ذلك، والحديث صريح في أن الرجل طمع ألا يعيده إذا فعل ذلك، وأدنى هذا يكون شاكًا في الميعاد، وذلك كفر، إذا قامت حجة النبوة على منكره حكم بكفره» اهـ.

واعلم - علمني الله وإياك - أن «كل من كان مؤمنًا بما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو خير من كل من كفر به وإن كان في المؤمن بذلك نوع من البدعة سواء كانت بدعة الخوارج والشيعة والمرجئة والقدرية أو غيرهم، فإن اليهود والنصارى كفار كفرًا معلومًا بالاضطرار من دين الإسلام، والمبتدع إذا كان يحسب أنه موافق للرسول - صلى الله عليه وسلم - لا مخالف له لم يكن كافرًا به، ولو قدر أنه يكفر فليس كفره مثل كفر من كذب الرسول - صلى الله عليه وسلم -» اهـ (٢).

...


(١) ابن تيمية: مجموع الفتاوى (١١/ ٤٠٩). وراجع في ذلك رسالة: الإحكام في قواعد الحكم على الأنام، للدكتور محمد يسري إبراهيم، فهي مميزة في هذا الباب.
(٢) ابن تيمية: مجموع الفتاوى (٣٥/ ٢٠١). تنبيه: القاعدة المعروفة «من لم يُكَفِّر الكافر فهو كافر»، فهي قاعدة صحيحة ولكنها تُطبَّق على من أنكر كفر المُعيَّن المقطوع بكفره، كمن أنكر كفر أبي جهل وفرعون، أو من أنكر كفر اليهودي والنصراني، أما فيمن هو موقفه محل اجتهاد وخلاف بين علماء المسلمين، فلا تطبق هذه القاعدة في هذه الحالة على المخالف في الحكم على المعين بالكفر.

<<  <   >  >>