للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمريكية هذا النظام الجديد؛ إذ أضحت القوة العالمية الأبرز في هذه المرحلة من تطور النظام العالمي (١).

كان النظام العالمي الجديد - ببساطة شديدة - هو نظام المنتصر، وكل منتصر في حرب كبرى كان يفرض نظامه الذي يبتغي تدويله ويعتبره (جديدًا). وكان هذا النظام يبقى ما بقي سيده قادرًا على فرضه وتثبيت أركانه (٢).

لكن ثمة مشكلة باتت تهدد القيادة الأمريكية لهذا النظام العالمي الجديد، يلخصها الباحث محمد سيف حيدر النقيد في قوله (٣): «خلال عقد الثمانينات من القرن العشرين، سادت الساحة الأمريكية حالة من الارتباك الفكري و (فقدان اليقين النظري) بشأن مستقبل الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى مهيمنة. وعلى الرغم من حالة التآكل التي كانت تعيشها الكتلة الاشتراكية بزعامة الاتحاد السوفييتي - قبل انهياره في عام ١٩٩١م -، فإن ثمة أطروحات ودراسات قد أخذت في الرواج والانتشار تؤكد تراجع المكانة العالمية للولايات المتحدة، وتتنبأ بانحطاط القوة الأمريكية العظمى وانهيارها الحتمي.

في هذا الجو الملبد بغيوم (التشاؤمية الثقافية) - بحسب تعبير المؤرخ الأمريكي آرثر هيرمان Arthur Herman -، نشرت مجلة (ذي واشنطن كوارترلي The Washington Quarterly) الرصينة في شتاء ١٩٩٠م مقالة لافتة للانتباه لجريجوري فوستر Gregory Foster (٤) ، وهو أحد الباحثين الاستراتيچيين الأمريكيين، شكا فيها أن الأبحاث الاستراتيچية الأمريكية ذات منهج محدود؛ إنه منهج تجريبي وپراجماتي Pragmatic (٥) وبلا نظرية، ولا يخرج عن إطار الخبرة في


(١) محمد النقيد: نظرية نهاية التاريخ، وموقعها في إطار توجهات السياسة الأمريكية في ظل النظام العالمي الجديد، ص (٤٦).
(٢) السابق، ص (٢٧).
(٣) السابق، ص (٧ - ٨، ١٢) باختصار.
(٤) Gregory Foster: A Conceptual Foundation for a Theory of Strategy, The Washington Quarterly, Winter ١٩٩٠
(٥) أي نفعي أو ذرائعي، يراعي غاية الشيء وثمرته دون مراعاة الأيديولوچيا أو الاعتبارات النظرية الأخرى، أي ببساطة: (الذي تغلب به العب به).

<<  <   >  >>