(إدارة الأزمات) وعن خطط السياسات اليومية والمرحلية. وانطلاقًا من هذا النقد، دعا فوستر إلى إبداع نظرية جديدة للاستراتيچية الأمريكية، نظرية مؤسسة على المفاهيم الفلسفية.
ولم يمض وقت طويل (أقل من عامين)، حتى ظهرت، أو بتعبير أكثر دقة، تبلورت النظرية التي طالب بها فوستر. ووسط مظاهر الدهشة والذهول وعدم القدرة على التنظير، ثمة حجر كبير يقذف في بركة الفكر الأمريكي الراكدة، وفي مستنقع الأيديولوچيات التقليدية البالية.
ففي عام ١٩٩٢م، أصدر المفكر الأمريكي ذو الأصول اليابانية، فرانسيس فوكوياما، كتابه الذائع الصيت (نهاية التاريخ وخاتم البشر The End of History and the Last Man)، الذي طور فيه أفكاره النظرية حول (نهاية التاريخ)، التي سبق أن وضع خطوطها الأولى في صيف عام ١٩٨٩م في مقالة شهيرة حملت ذات العنوان ولكن بصيغة تساؤلية حذرة، نشرتها مجلة (ذي ناشيونال إنترست) اليمينية المعروفة (١)، وما هي إلا أشهر قليلة حتى أصبح الكتاب (إنجيل) المجتمع الأمريكي المثقف.
ورغم أن فكرة نهاية التاريخ لم تكن فكرة جديدة وخصوصًا في الساحة العقائدية والفكرية والفلسفية، فإن الوضع العالمي في أواخر الثمانينات ومطلع التسعينات، ساهم بقوة في إذكاء الجدل حولها ... وقد لوحظ في هذا الصدد أن المرحلة التاريخية التي تُستَقبل فيها الأفكار هي التي تعطيها وزنًا تفاعليًا أو تواصليًا» اهـ.
ولو استعرضنا سريعًا أصول هذه النظرية، والتي صيغت كما عبَّر البعض (بروح انتصارية)، نذكر أن «نقطة انطلاق فوكوياما تذهب إلى ما يمكن أن يُسمَّى بـ (التفسير المادي للتاريخ في صورته الرأسمالية)؛ فإنه يرى إمكان أن يجري تفسير التطور في التاريخ جزئيًا، بناء على أساس اقتصادي، أي أن العامل الاقتصادي هو أحد المحركات الرئيسية في التطور التاريخي. ولكن هذا التطور يؤدي إلى الرأسمالية بدلًا من الاشتراكية بالنتيجة النهائية. وبهذا يوجد للتاريخ نهاية، ونهاية التاريخ هي الليبرالية الديمقراطية في
(١) Francis Fukuyama: The End of History?, The National Interest, vol. ١٦, Summer ١٩٨٩