وكان اختصاصه باعتبار أنه أمسعه صوتا تولى تخلقه من غير أن يكون ذلك الصوت مكتسباً لأحد من الخلق وغيره يسمع صوتاً مكتسباً للعباد فيفهم منه كلام الله تعالى فلما سمع كلامه طمع في رؤيته لغلبة شوقه فسأل الرؤية بقوله {قال ربّ أرني أنظر إليك} ثاني مفعولي أرني محذوف أي أرني ذاتك انظر إليك يعنى مكنى من رؤيتكم بأن تتجلى لي حتى أراك أرني مكي وبكسر الراء مختلسة أبو عمرو وبكسر الراء مشبعة غيرهما وهو دليل لأهل السنة على جواز الرؤية فإن موسى عليه السلام اعتقد أن الله تعالى يرى حتى سأله واعتقاد جواز مالا يجوز على الله كفر {قال لن تراني} ر بالسؤال بعين فانية بل بالعطاء والنوال بيعن باقية وهو دليل لأهل لنا أيضا لأنه لم يقل لن أرى ليكون نفياً للجواز ولو لم يكن مرئيا لخبر بانه ليس بمرئى إذا لحاله حالة الحاجة إلى البيان {ولكن انظر إلى الجبل فإن استقرّ مكانه} بقي على حاله {فسوف تراني} وهو دليل لنا أيضاً لأنه علق الرؤية باستقرار الجبل وهو ممكن وتعليق الشئ بما هو ممكن يدل على إمكانه كالتعليق بالمتع يدل على امتناعه والديليل على أنه ممكن قوله جعله دكاً ولم يقل اندك وما أوجده تعالى كان جائزاً أن لا يوجد لو لم يوجده لأنه مختار فى فعله ولأنه تعالى ما آية عن ذلك ولا عاتبه عليه ولو كان ذلك محالا لعابه كما عاتب نوحاً عليه السلام بقوله إني أعظك أن تكون من الجاهلين حيث سأل اتجاه ابنه من الغرق {فلمّا تجلى ربّه للجبل} أي ظهر وبان ظهوراً بلا كيف قال الشيخ أبو منصور رحمه الله
الأعراف ١٣٥ ١٣٧ معنى التجلي للجبل ما قاله الأشعري إنه تعالى خلق فى الجبل حياة وعملا ورؤية حتى راى به وهذا نص فى إثبات كونه مرئيا وبهده الوجوه يتبين جهل منكري الرؤية وقولهم بأن موسى عليه السلام كان عالماً بأنه لا يرى ولكن طلب قومه أن يريهم ربه كما أخبر الله تعالى عنهم بقوله لن تؤمن لك حتى ترى الله جهرة فطلب الرؤية