ولما قالت اليهود للنبي عليه السلام إنك تدعي أنك على ملة إبراهيم وأنت تأكل لحوم الإبل وألبانها فقال عليه السلام كان ذلك حلالاً لإبراهيم فنحن نحله فقالت اليهود إنها لم تزل محرمة في ملة إبراهيم ونوح عليهما السلام نزل تكذيباً لهم {كُلُّ الطعام} أي المطعومات التي فيها النزاع فإن منها ما هو حرام قبل ذلك كالميتة والدم {كان حلا لبني إسرائيل} أى حلالا وهو مصدر يقال حل الشئ حلا ولذا استوى فى صفته المذكر والمؤنث والواحد والجمع قال الله تعالى لاهن حل لهم {إلا ما حرم إسرائيل} أي يعقوب {على نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التوراة} وبالتخفيف مكي وبصري وهو لحوم الإبل وألبانها وكانا أحب الطعام إليه والمعنى أن المطاعم كلها لم تزل حلاً لبني إسرائيل من قبل إنزال التوارة سوى ما حرم إسرائيل على نفسه فلما نزلت التوراة على موسى حرم عليهم فيها لحوم الإبل وألبانها لتحريم إسرائيل ذلك على نفسه {قُلْ فَأْتُواْ بالتوراة فاتلوها إِن كُنتُمْ صادقين} أمر بأن
آل عمران (٩٤ _ ٩٧)
يحاجهم بكتابهم ويبكتهم بما هو ناطق به من أن تحريم ما حرم عليهم تحريم حادث بسبب ظلمهم وبغيهم لا تحريم قديم كما يدعونه فلم يجرءوا على إخراج التوراة وبهتوا وفيه دليل بيّن على صدق النبي عليه السلام وعلى جواز النسخ الذي ينكرونه