للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقولُ ابنُ عبد البَرِّ: "نقولُ: استوَى مِنْ لَا مَكَانٍ إلى مَكَانٍ، ولا نقولُ: انتَقَلَ؛ وإنْ كان المعنى في ذلك واحدًا؛ أَلَا تَرَى أنَّا نقولُ: له عَرْشٌ، ولا نقولُ: له سَرِيرٌ؛ ومعناهما واحدٌ؟ ! ونقولُ: هو الحَكِيمُ، ولا نقولُ: هو العاقِلُ، ونقولُ: خليلُ إبراهيمَ، ولا نقولُ: صَدِيقُ إبراهيمَ؛ وإنْ كان المعنى في ذلك كلِّه واحدًا؟ ! لا نسمِّيه، ولا نَصِفُهُ، ولا نُطلِقُ عليه، إلَّا ما سَمَّى به نَفْسَهُ" (١).

وقد كان بعضُ السلَفِ يعبِّرُ عن الاستواءِ بغيرِه؛ كما صَحَّ عن خارجةَ بنِ مُصعَبٍ (٢)، والحسَنِ البَصْريِّ، وعِكْرِمةَ: أنهم عبَّروا عن الاستواءِ بالجلوسِ (٣)، وجاء عن الشَّعْبيِّ، عن ابنِ مسعود أيضًا؛ وفيه انقطاع (٤)، وتَبِعَهم وكيعٌ، وأحمَدُ؛ كما نقَلَهُ ابنُهُ عبدُ اللهِ في "السُّنَّة" (٥)، والدارِميُّ في "رَدِّهِ على بِشْر" (٦)، والدارَقُطْنيُّ في بعضِ كتبِهِ (٧)، وهذا الذي أرادَهُ النَّسَائيُّ في "سننه" في بابِ {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} (٨) [فصلت: ١١]؛ حيثُ أورَدَ حديثَ ابنِ عُمَرَ في استواءِ المسافِر، وقد عبَّر عن الاستواءِ عبدُ الوهَّابِ الورَّاقُ بالقعودِ (٩)، وجاء عن مُجاهِدٍ تفسيرُ قولِهِ: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: ٧٩]: "يُقعِدُهُ مَعَهُ على العَرْش" (١٠)،


(١) "التمهيد" (٧/ ١٣٦ - ١٣٧).
(٢) "السُّنَّة" لعبد الله (١٠)، وعنه الخلال (١٦٩١).
(٣) الرواية للحكم بن معبد؛ انظر: فتح المجيد (٤/ ١٦٧٥).
(٤) انظر: كتاب "إثبات الحد" لأبي محمد بن بدران الدشتي (ص ١٧٠).
(٥) (١/ ٣٠٢) وانظر: "الرد على الجهمية" (ص ٣٠٠).
(٦) (١/ ٢١٥).
(٧) "الصفات" (ص ١٠)، وانظر: "إبطال التأويلات" (ص ٤٩٢).
(٨) "السنن الكبرى" (١٠/ ٢٤٥)، حديث رقم (١١٤٠٢).
(٩) "بيان تلبيس الجهمية" (٣/ ١٤).
(١٠) ابن أبي شيبة (٣٢٣٠٩)، والآجري في "الشريعة" (١١٠١ - ١١٠٥)

<<  <   >  >>