لغيرِ اللهِ؛ فاللهُ يقولُ:{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}[التين: ٤]، وهناك مِن الناسِ مَن يُولَدُ مشوَّهًا مريضًا خَدِيجًا؛ كالمبتورِ والمشلولِ، ومَن يُولَدُ برِجْلٍ أو يَدٍ أو عَيْنٍ، أو بأكثَرَ مِن عشَرةِ أصابِعَ، أو برأسَيْنِ؛ وهذا كلُّه لا يُجِيزُ نِسْبةَ تلك الأجسادِ لخالقٍ غيرِ الله؛ وإنما جعَلَها اللهُ كذلك لِحِكْمةٍ.
وقد كان لازمُ قولِهم: أنَّ العبادَ يَخلُقُونَ ما يَفعَلُونَ؛ فجعَلُوا إلهَيْنِ وخالقًا غيرَ الله؛ فشابَهُوا بذلك المَجُوسَ الذين يَتَّخِذُونَ إلهَيْنِ: إلهَ الخير، وهو النُّورُ، وإلهَ الشَّرِّ، وهو الظُّلْمة.
* وأمَّا الغُلَاةُ: فهم الذين يقولونَ بالجَبْرِ؛ أي: أنَّه لا اختيارَ للمكلَّفين، ولا مشيئةَ، وحالُ المكلَّفِ كحالِ الجَمَاداتِ؛ فالملائكةُ والإنسانُ والجانُّ؛ كالكواكبِ والأجرامِ؛ فالإنسانُ مسيَّرٌ بلا اختيارٍ: يقومُ ويقعُدُ ويتكلَّمُ، كما تطلُعُ الشمسُ وتغرُبُ.
وهؤلاءِ هم الجبريَّة، وقابَلُوا نفاةَ القَدَرِ بغُلُوٍّ، وأَوَّلُ مَن أشهَرَهُ: الجَهْمُ بن صَفْوانَ، وقد كان شيخُهُ الجَعْدُ بن دِرْهَمٍ يقولُ به.