للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمرادُ مِن جنبِ اللهِ: هو القُرْبُ؛ فمَن فرَّط فيما يقرِّبُهُ مِن أحدٍ، فقد فرَّط في جَنْبِه.

* الطائفةُ الثانية: طائفةٌ كَثُرَ فيها تقريرُ العقائدِ على طريقةِ أهلِ الكلامِ، وكان ذلك في كثيرٍ مِن أصولِهِم، ولم يكنْ ذلك في فرعٍ منها ولا في أصلٍ واحدٍ، وإنما كان ذلك كثيرًا أو غالبًا؛ وذلك كأبي الوليدِ الباجيِّ، وأبي بكرِ بنِ العَرَبيِّ، وتلميذِهِ القاضي عِيَاضٍ، ومِن هؤلاءِ مَن يَرُدُّ على المتقدِّمِينَ ويُخطِّئُهم كابنِ العَرَبيِّ في رَدِّهِ على ابنِ أبي زيدٍ في قولِهِ في استواءِ الذات، وعلى ابنِ عبد البَرِّ وغيرِه؛ كما في كتابِهِ "العارِضة"، و "العواصم".

وهذا يَدُلُّ على البَوْنِ بين الطائفتَيْن، وسَيْرِ الأوَّلينَ على طريقةِ السلف.

* وبين الطائفتَيْنِ: مَن له أصولٌ يُوافِقُ في بعضِها أهلَ الكلام، وله أُخرى أكثَرُ: خلافُ ذلك؛ كأبي الحسَنِ القابِسيِّ في جعلِ الإيمانِ هو التصديقَ فقطْ، ويَنُصُّ على إخراجِ العمَلِ منه، وله كتابُ "المُنقِذِ في شُبَهِ التأويل"، ولم أَرَه، وله كتابٌ في الاعتقاد، ذكَرَ فيه: "أنَّ الاعتمادَ على السمعِ، وأنَّ الجدَلَ وعلمَ الكلامِ مذمومٌ، وأنَّ للهِ يَدَيْنِ؛ كما يقولُ أهلُ الحديثِ والأثر" (١)؛ ولهذا عدَّهُ أبو نَصرٍ السِّجزيُّ ممن سلَكَ طريقَ السلف في الاعتقاد.

ومنهم: مَن يقرِّرُ على أصولِ بعضِ أهلِ الكلامِ في موضعٍ، وفي مواضعَ على أصولِ السلَفِ وأهلِ الأثَرِ؛ كمَكِّيِّ بنِ أبي طالبٍ؛ فإنَّ له شيئًا مِن التأويلِ في كتابِهِ: "الهِدَايَهْ، إلى بلوغِ النِّهَايَهْ"، وكان مِن تلاميذِ


(١) "رسالة السجزي" (ص ٣٥١).

<<  <   >  >>