للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجاء عن ابنِ مسعودِ: التشهُّدُ في كلِّ حاجةٍ يخطُبُ لها.

وجاء عن عطاءٍ، عن أبي البَخْتَرِيِّ؛ قال: "كلُّ حاجةٍ ليس فيها تشهُّدٌ، فهي بَتْراءُ" (١).

وأمَّا البداءةُ بالبَسْملةِ: ففي المكاتَباتِ والرسائلِ سُنَّةُ النبيِّ -صلي الله عليه وسلم- والأنبياءِ؛ كما في قولِهِ تعالى: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [النمل: ٣٠]، وكلَّما كان الأمرُ الذي يَشرَعُ فيه الكاتِبُ والمتكلِّمُ أعظَمَ، كان التأكيدُ بالبداءةِ بذكرِ اللهِ فيه أشدَّ.

وظاهِرُ السُّنَّةِ: التفريقُ بين الخُطَبِ والمكاتَبات؛ فالخُطَبُ يُبدَأُ فيها بالحمدَلةِ، والمكاتَباتُ يُبدَأُ فيها بالبَسْملة؛ كما في كُتُبِ النبيِّ -صلي الله عليه وسلم- إلى الملوكِ ورؤوسِ الناسِ؛ ككتابِهِ إلى هِرَقْلَ عظيمِ الرُّوم، وكِسْرَى عظيمِ فارس، والمُقَوْقِسِ عظيمِ القِبْط، والنَّجَاشيِّ مَلِكِ الحَبَشة، والمُنْذِرِ بنِ سَاوَى التميميِّ حاكمِ البَحْرَيْن، والحارثِ الغَسَّانيِّ مَلِكِ الحِيرَة، وأوَّلُ رسائلِهِ -صلى الله عليه وسلم- في "الصحيحَيْن" مِن حديثِ ابنِ عبَّاسٍ (٢)، وبقيَّتُها في السِّيَر.

وأكثَرُ السلفِ في القرنَيْنِ الأوَّلَيْنِ يَبدَؤُونَ كُتُبَهُمْ بالبسملةِ، ثُمَّ يَشرَعُونَ في المقصودِ؛ كمالكٍ في "الموطَّأ" (٣)، وغيرِه، ثُمَّ غلَبَ على الكتبِ البداءةُ بالبسملةِ والحمدلةِ جميعًا.

والأحاديثُ الواردةُ في الأمرِ بالبداءةِ بالبَسْملةِ والحَمْدلةِ: معلولةٌ، والسُّنَّةُ العمليَّةُ أصحُّ وأشهَر.

* * *


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" (٢٧٢١٧).
(٢) البخاري (٧)، ومسلم (١٧٧٣).
(٣) (١/ ٣).

<<  <   >  >>